للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأدلة، فهذا النوع من القياس محمود، والمذموم ما يخالف ذلك، ويلزم فيه تخصيص النص أو مخالفته أو ترك العمل به إلى غير ذلك مما هو معروف، انتهى.

وفي هامشه: وحاصله ما أفاده الشيخ أن الغرض من هذا الباب الردّ على من يزعم أن كل قياس صحيح محمود وإن لم يبن على أصل شرعي، والغرض من الباب الآتي وهو قوله: "باب من شبّه أصلًا معلومًا. . ." إلخ، الردّ على من زعم أن كل قياس باطل مذموم، فمن حكى عن الإمام البخاري أنه منكر للقياس بناءً ونظرًا على هذا الباب الأول فقط فلم يصب.

قال الحافظ (١): قوله: "باب ما يذكر من ذمّ الرأي. . ." إلخ، أي: الفتوى بما يؤدّي إليه النظر، وهو يصدق على ما يوافق النصّ وعلى ما يخالفه، والمذموم منه ما يوجد النص بخلافه، وأشار بقوله: ["من"] إلى أن بعض الفتوى بالرأي لا يذم، وهو إذا لم يوجد النصّ من كتاب أو سُنَّة أو إجماع.

وقوله: (وتكلف القياس) أي: إذا لم يوجد الأمور الثلاثة، واحتاج إلى القياس، فلا يتكلفه بل يستعمله على أوضاعه، ولا يتعسف في إثبات العلة الجامعة التي هي من أركان القياس، بل إذا لم تكن العلة الجامعة واضحة فليتمسك بالبراءة الأصلية، ويدخل في تكلف القياس ما إذا استعمله على أوضاعه مع وجود النصّ، ومما إذا وجد النص فخالفه، وتأول لمخالفته شيئًا بعيدًا، ويشتد الذمّ فيه لمن ينتصر لمن يقلده مع احتمال أن لا يكون الأول اطلع على النص، انتهى.

وهكذا في "العيني" (٢)، وزاد: فإن قلت: روى البيهقي بسنده إلى عمر قال: "إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن، أغنتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلّوا وأضلّوا"، قلت: في صحته نظر، ولئن سلمنا فإنه أراد به الرأي مع وجود النص، انتهى. كذا في هامش "اللامع".


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٢٨٢).
(٢) "عمدة القاري" (١٦/ ٥٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>