للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العيني ست وجوهات في المناسبة، وقال السندي (١): موافقة الحديث بالترجمة إما باعتبار أن الحديث يدل على أن تعظيم الكعبة بوضع الأموال فيها مشروع معتاد من قديم الزمان، وقد قرره الشارع ورجع عمر عما قصد من تقسيمها إلى إبقائها على حالها، فإذا كان ذلك التعظيم مشروعًا مع أنه أمر غير ظاهر فكون التعظيم بالكسوة مع أنه تعظيم ظاهر وزينة باهرة مشروعًا بالأولى، وإما باعتبار أن عمر رأى قسمة أموال الكعبة لا وضعها في كسوتها دون حاجة المسلمين، وبه يعلم أنه ينبغي قسمة الكسوة بين المحتاجين إذا نزعت، والله تعالى أعلم، انتهى.

[(٤٩ - باب هدم الكعبة)]

قال الحافظ (٢): أي: في آخر الزمان، وقال أيضًا تحت حديث الباب: قيل: هذا الحديث يخالف قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} [العنكبوت: ٦٧]، ولأن الله تعالى حبس عن مكة الفيل ولم يمكن أصحابه من تخريب الكعبة ولم تكن إذ ذاك قبلة فكيف يسلط عليها الحبشة بعد أن صارت قبلة للمسلمين؟ وأجيب بأن ذلك محمول على أنه يقع في آخر الزمان حيث لا يبقى في الأرض أحد يقول: الله الله، كما ثبت في "صحيح مسلم"، وقد وقع قبل ذلك فيه من القتال وغزو أهل الشام في زمن يزيد بن معاوية وغير ذلك من الوقائع من أعظمها وقعة القرامطة بعد الثلاث مائة فقتلوا من المسلمين في المطاف من لا يحصى كثرة، وكل ذلك لا يعارض قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} لأن ذلك إنما وقع بأيدي المسلمين، وهو مطابق لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولن يستحل هذا البيت إلا أهله" فوقع ما أخبر به - صلى الله عليه وسلم -، وليس في الآية ما يدل على استمرار الأمن المذكور فيها، والله أعلم، انتهى.


(١) "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ٢٧٨).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ٤٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>