للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابتداؤهم بالسلام فأخرج الطبري من طريق ابن عيينة قال: يجوز ابتداء الكافر بالسلام، لقول إبراهيم لأبيه: {سَلَامٌ عَلَيْكَ} [مريم: ٤٧]، وأجاب عياض عن قول إبراهيم - عليه السلام - لأبيه بأن القصد بذلك المتاركة والمباعدة لا التحية، انتهى من "الفتح" (١).

(٢١ - باب من لم يسلّم على من اقترف ذنبًا ولم يردّ سلامه حتى تتبين توبته)

قال الحافظ (٢): أما الحكم الأول فأشار إلى الخلاف فيه، وقد ذهب الجمهور إلى أنه لا يسلم على الفاسق والمبتدع، قال النووي: فإن اضطر إلى السلام بأن خاف ترتب مفسدة في دين أو دنيا إن لم يسلّم سلّم، وكذا قال ابن العربي وزاد: وينوي أن السلام اسم من أسماء الله تعالى، فكأنه قال: الله رقيب عليكم، وقال ابن وهب: يجوز ابتداء السلام على كل أحد ولو كان كافرًا؛ لقوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: ٨٣]، وألحق بعض الحنفية بأهل المعاصي من يتعاطى خوارم المروءة ككثرة المزاح واللهو وفحش القول والجلوس في الأسواق لرؤية من يمر من النساء ونحو ذلك، انتهى.

وفي "الدر المختار" (٣): ويكره السلام على الفاسق لو معلنًا وإلا لا. قال ابن عابدين: ويسلم على قوم في معصية وعلى من يلعب بالشطرنج ناويًا أن يشغلهم عما هم فيه عند أبي حنيفة، وكره عندهما تحقيرًا لهم، انتهى.

قال الحافظ (٤): وأما الحكم الثاني فاختلف فيه أيضًا فقيل: يستبرئ حاله سنةً، وقيل: ستة أشهر، وقيل: خمسين يومًا كما في قصة كعب، وقيل: ليس لذلك حدّ محدود، بل المدار على وجود القرائن الدالة على صدق مدعاه في توبته، ويختلف ذلك باختلاف الجناية والجاني، انتهى.


(١) "فتح الباري" (١١/ ٣٩).
(٢) "فتح الباري" (١١/ ٤٠).
(٣) "ردّ المحتار" (٩/ ٥٩٥).
(٤) "فتح الباري" (١١/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>