للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٢ - باب ليعزم المسألة فإنه لا مكره له)]

قال ابن عبد البر: لا يجوز لأحد أن يقول: اللَّهم أعطني إن شئت، وغير ذلك من أمور الدين والدنيا؛ لأنه كلام مستحيل لا وجه له لأنه لا يفعل إلا ما شاءه، وظاهره أنه حمل النهي على التحريم وهو الظاهر، وحمله النووي على كراهة التنزيه وهو أولى، ويؤيده ما سيأتي في حديث الاستخارة: قال ابن عيينة: لا يمنعن أحدًا الدعاء ما يعلم في نفسه - يعني: من التقصير - فإن الله قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إِبليس حين قال: {رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}، انتهى من "الفتح" (١).

قال القسطلاني (٢): وفي الترمذي (٣) عن أبي هريرة مرفوعًا: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلبٍ غافلٍ لاهٍ"، انتهى.

[(٢٣ - باب يستجاب للعبد ما لم يعجل)]

قال الحافظ (٤) في شرح قوله: "يقول: دعوت فلم يستجب لي": قال ابن بطال (٥): المعنى أنه يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمانّ بدعائه، أو أنه أتى من الدعاء ما يستحق به الإجابة فيصير كالمبخل للرب الكريم الذي لا تعجزه الإجابة ولا ينقصه العطاء، ثم قال: وفي هذا الحديث أدب من آداب الدعاء وهو أنه يلازم الطلب ولا ييأس من الإجابة لما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار، حتى قال بعض السلف: لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة، وكأنه أشار إلى حديث ابن عمر رفعه: "من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة" الحديث،


(١) "فتح الباري" (١١/ ١٤٠).
(٢) "إرشاد الساري" (١٣/ ٤٠٠).
(٣) "سنن الترمذي" (ح ٣٤٧٩).
(٤) "فتح الباري" (١١/ ١٤٠، ١٤١).
(٥) "شرح ابن بطال" (١٠/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>