للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ذلك مختارًا، وقيل: ذلك مستفاد من ترك إنكاره - صلى الله عليه وسلم - على من رقد، ولو قيل بالفرق بين من غلبه النوم في مثل هذه الحالة وبين من غلبه وهو في منزله مثلًا لكان متجهًا، انتهى.

والأوجه عندي: أن الإمام البخاري أشار بالترجمتين إلى الجمع بين مختلف ما روي في النوم قبل العشاء والنهي عنه، وجمع بينهما بوجوه، منها: ما أشار إليه الإمام البخاري، ومنها: ما قال الحافظ ناقلًا عن الترمذي من الرخصة في رمضان خاصة كما تقدم، ومنها: ما قال الحافظ: ومن نقلت عنه الرخصة قيدت عنه بما إذا كان من يوقظه أو عرف من عادته أنه لا يستغرق وقت الاختيار بالنوم، وهذا جيد، ومنها: ما قال الطحاوي: الرخصة على ما قيل دخول وقت العشاء، والكراهة على ما بعد دخوله، انتهى من هامش "اللامع".

[(٢٥ - باب وقت العشاء إلى نصف الليل)]

كتب الشيخ في "اللامع" (١): يعني بذلك وقتها المستحب، ثم اختلاف الروايتين بالنصف والثلث مبني على اختلاف التخمين وتقريب الأمر، أو على اختلاف إرادة الشروع والفراغ، انتهى.

وبهذا جزم الشرَّاح من أن المراد الوقت المختار، وأما وقت الجواز فهو إلى الصبح، وقال الإصطخري من الشافعية: وقت الجواز إلى نصف الليل وبعده قضاء لا أداء.

فالأوجه عندي: أن مسلك الإمام البخاري هو مسلك الإصطخري، وهو قول للشافعي ومالك كما في "الأوجز" (٢)، ويدل عليه ظاهر الترجمة كما جزم به الكرماني (٣) إذ قال: إن ظاهرها مشعر لذلك، ولذلك لم يأت بشيء من الأثر، والحديث يدل على الامتداد إلى طلوع الفجر.


(١) "لامع الدراري" (٣/ ٥٤).
(٢) "أوجز المسالك" (١/ ٢٨٩).
(٣) "شرح الكرماني" (٤/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>