للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع الناس ويتناول الشاي دون فطور وأكل، ويكثر عدد الناس في هذا الوقت، ثم يصعد إلى غرفة مطالعته، فيشتغل بالمطالعة والتأليف، ولا يزوره في هذا الوقت إلا من يطلبه أو من يكون مستعجلًا من الضيوف، فإذا كان وقت الغداء نزل وجلس مع الضيوف الذين هم عادة من طبقات شتى، فيؤنسهم ويكرمهم، ثم يقيل، فإذا صلَّى الظهر اشتغل بإملاء الرسائل والرد عليها قليلًا، يتراوح عدد الرسائل التي تأتيه من أنحاء مختلفة بين أربعين وخمسين رسالة، ثم يخرج إلى الدرس، وكان يشتغل به ساعتين كاملتين قبل العصر، فإذا صلَّى العصر جلس للناس، وقدَّم لهم الشاي وهم في عدد كبير، فإذا صلَّى المغرب اشتغل طويلًا بالتطوع والأوراد، ولا يتناول العَشاء عادة إلا إكرامًا لضيف كبير (١).

[التفاني في حب الله ورسوله]

كان الشيخ حريصًا على اتباع السُّنَّة في كل أمر صغير وكبير، حرصًا يندر وجوده في كثير من العلماء، وكان لديه حبٌّ شديد للرسول - صلى الله عليه وسلم - ولمدينته، فكلَّما ذُكر شيء من أخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة أو الأولياء، أو أُنشد بيت رقيق مرقق فاضت عيناه، وتملَّكه البكاء وهو يغالبه ويخفيه، فتنمُّ عنه الدموع، وليس الحديث له صناعة وعلمًا فحسب، بل هو ذوق وحال يعيش به ويعيش فيه (٢).

ويقول الشيخ أبو الحسن الندوي: سافر على جناح الشوق والحنين المرة الخامسة إلى الحجاز في صفر ١٣٨٩ هـ، وكأنه مدفوع إلى ذلك لا يملك صبرًا ولا قرارًا، وقد نذر صوم شهرين متتابعين شكرًا على هذه النعمة.

واستطرد الشيخ الندوي قائلًا: وقد أسعد الله كاتب هذه السطور


(١) انظر: مقدمة "الأوجز" (ص ١٩).
(٢) مقدمة "الأوجز" (ص ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>