للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السنن فمن نقله عنه أنه لم يجوز العمل بالإشارة؟ وهذه كتب أصحابه ناطقة بجواز ذلك كما نبهنا على بعض شيء من ذلك، وقال أصحابنا: إشارة الأخرس وكتابته كالبيان باللسان فيلزمه الأحكام بالإشارة وبالكتابة حتى يجوز نكاحه وطلاقه وعتاقه وبيعه وشراؤه وغير ذلك من الأحكام بخلاف معتقل اللسان الذي حبس لسانه فإن إشارته غير معتبرة لأن الإشارة لا تنبئ عن المراد إلا إذا طالت وصارت معهودة كالأخرس، انتهى.

قلت: وطلاق الأخرس واقع عند الأئمة الأربعة قال الموفق (١): ولا يقع الطلاق بغير لفظ الطلاق إلا في موضعين: أحدهما من لا يقدر على الكلام؛ كالأخرس إذا طلق بالإشارة طلقت زوجته، وبهذا قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي، ولا نعلم عن غيرهم خلافهم، إلى آخر ما فيه.

(٢٥ - باب اللعان) [*]

قال العلامة العيني (٢): هو مصدر لاعن وهو مشتق من اللعن وهو الطرد والإبعاد؛ لبعدهما من الرحمة أو لبعد كل منها عن الآخر ولا يجتمعان أبدًا، واللعان والالتعان والملاعنة بمعنى، وسمي به لما فيه من لعن نفسه في الخامسة، وهي من تسمية الكل باسم البعض كالصلاة تسمى ركوعًا وسجودًا، ومعناه الشرعي: شهادات مؤكدات بالأيمان مقرونة باللعن، وقال الشافعي: هي أيمان مؤكدات بلفظ الشهادة، فيشترط أهلية اليمين عنده فيجري بين المسلم وامرأته الكافرة، وبين الكافر والكافرة، وبين العبد وامرأته، وبه قال مالك وأحمد، وعندنا يشترط أهلية الشهادة فلا يجري إلا بين المسلمين الحرين العاقلين البالغين غير محدودين في قذف، واختير لفظ اللعن على لفظ الغضب وإن كانا مذكورين في الآية لتقدمه فيهما، ولأن جانب الرجل فيه أقوى من جانب المرأة لأنه قادر على الابتداء باللعان، إلى آخر ما ذكر.


(١) "المغني" (١٠/ ٥٠٢).
(٢) "عمدة القاري" (١٤/ ٣١٣، ٣١٤).

[*] تعليق الشاملة: كان ترقيم هذا الباب خطأ في المطبوع، فصححناه

<<  <  ج: ص:  >  >>