للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن المنيِّر: أراد البخاري أن الإشارة بالطلاق وغيره من الأخرس وغيره التي يفهم منه الأصل والعدد نافذ كاللفظ.

قال الحافظ (١): ويظهر لي أن البخاري أورد هذه الترجمة وأحاديثها توطئة لما يذكره من البحث في الباب الذي يليه مع من فرق بين لعان الأخرس وطلاقه، والله تعالى أعلم.

وقد اختلف العلماء في الإشارة المفهمة فأما في حقوق الله تعالى فقالوا: يكفي ولو من القادر على النطق، وأما في حقوق الآدميين كالعقود والإقرار والوصية ونحو ذلك فاختلف العلماء فيمن اعتقل لسانه. ثالثها عن أبي حنيفة إن كان مأيوسًا من نطقه وعن بعض الحنابلة إن اتصل بالموت، ورجحه الطحاوي، وعن الأوزاعي إن سبقه كلام، ونقل عن مكحول: إن قال فلان حر ثم أصمت فقيل له وفلان فأومأ صح، وأما القادر على النطق فلا تقوم إشارته مقام نطقه عند الأكثرين، انتهى.

وتقدم شيء من الكلام على الإشارة في كتاب الوصايا في "باب إذا أومأ المريض برأسه" كذا في هامش "اللامع" (٢).

وردّ العلامة العيني (٣) على أبلغ وجه وأوكده على من قال من الشرَّاح من ابن بطال وغيره: أن الإمام البخاري أراد بهذا الباب الردّ على أبي حنيفة، إذ قال: وكذلك ابن بطال الذي أطلق لسانه في أبي حنيفة بوجه باطل حيث قال: حاول البخاري بهذا الباب الردّ على أبي حنيفة لأنه - صلى الله عليه وسلم - حكم بالإشارة في هذه الأحاديث، إلى أن قال: وإنما حمل أبا حنيفة على قوله هذا أنه لم يعلم السنن التي جاءت بجواز الإشارات في أحكام مختلفة، انتهى.

قلت: هذا الذي قاله قلة أدب فمن قال: إن أبا حنيفة لم يعلم هذه


(١) "فتح الباري" (٩/ ٤٣٨).
(٢) "لامع الدراري" (٩/ ٣٧٩، ٣٨٠).
(٣) "عمدة القاري" (١٤/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>