للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حديث سلمة بن الأكوع: لا يختلف أهل السير أن غزوة ذي قرد كانت قبل الحديبية، فيكون ما وقع في حديث سلمة من وهم بعض الرواة، ثم حكى الحافظ عن القرطبي الجمع بين هذين القولين المختلفين، لكن لم يرض به وقال: فعلى هذا ما في الصحيح من التاريخ لغزوة ذي قرد أصحّ مما ذكره أهل السير، ويحتمل في طريق الجمع أن تكون إغارة عيينة بن حصن على اللقاح وقعت مرتين: الأولى: التي ذكرها ابن إسحاق، وهي قبل الحديبية، والثانية: بعد الحديبية قبل الخروج إلى خيبر، وكان رأس الذين أغاروا عبد الرحمن بن عيينة كما في سياق سلمة عند مسلم، ويؤيده أن الحاكم ذكر في "الإكليل": أن الخروج إلى ذي قرد تكرر، ففي الأولى خرج إليها زيد بن حارثة قبل أُحد، وفي الثانية خرج إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - في ربيع الآخر سنة خمس، والثالثة هذه المختلف فيها، انتهى.

فإذا ثبت هذا قوي هذا الجمع الذي ذكرت، والله تعالى أعلم، انتهى (١).

[(٣٨ - باب غزوة خيبر)]

قال الحافظ (٢): بمعجمة وتحتانية وموحدة بوزن جعفر، وهي مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على ثمانية برد من المدينة إلى جهة الشام، ذكر أبو عبيد البكري: أنها سميت باسم رجل من العماليق نزلها، قال ابن إسحاق: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في بقية المحرم سنة سبع فأقام يحاصرها بضع عشرة ليلة إلى أن فتحها في صفر، قال ابن إسحاق: انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة، فأعطاه الله فيها خيبر، بقوله: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح: ٢٠]، يعني: خيبر، فقدم المدينة في ذي الحجة فأقام بها حتى سار إلى خيبر في المحرم، وحكى ابن التِّين عن ابن الحصار: أنها كانت في


(١) انظر: "فتح الباري" (٧/ ٤٦٠، ٤٦١).
(٢) "فتح الباري" (٧/ ٤٦٤، ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>