للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر للاستحباب حديث أنس بإسناد حسن عند أبي داود "أنه عليه الصلاة والسلام شرب لبنًا فلم يتمضمض"، وأغرب ابن شاهين فجعل حديث أنس ناسخًا لحديث ابن عباس، ولم يقل أحد بالوجوب حتى يقال بالنسخ، انتهى.

قلت: والشرَّاح عامة نقلوا استحباب المضمضة من اللبن، ونقلوا عليه الإجماع، وما يظهر لهذا العبد الضعيف أن في المسألة ثلاثة مذاهب للسلف كما بسطت في هامش "الكوكب":

الأول: الوجوب، كما قال به بعض السلف مستدلين بأحاديث الأمر، وروي عن أبي سعيد: لا وضوء إلا من اللبن؛ لأنه يخرج من بين فرث ودم، وعن أبي هريرة نحوه.

والثاني: الاستحباب، وهو مذهب الجمهور.

والثالث: ترك الاستحباب، وإليه أشار ابن أبي شيبة (١) في تبويبه بلفظ: "من كان لا يتوضأ ولا يمضمض"، وأخرج فيه عن طلحة [قال:] سألت أبا عبد الرحمن عن الوضوء من اللبن قال: من شراب سائغ للشاربين، انتهى ما في هامش "الكوكب" (٢) مختصرًا.

[(٥٣ - باب الوضوء من النوم. . .) إلخ]

كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٣): ودلالة الروايتين على هذا المعنى واضحة، وذلك أنه لمَّا لم يعلم بما يخرج من فيه وقت النعسة فأولى أن لا يعلم بالخارج من إسته إذا نام ورقد، فإن الغفلة في النوم أزيد منها في النعسة، انتهى.

وفي هامشه: ظاهر السياق أن الإمام البخاري ترجم بمسألتين:


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٥٨).
(٢) "الكوكب الدري" (١/ ١٢٣، ١٢٤).
(٣) "لامع الدراري" (٢/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>