للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حال الوقوع أبعد حال من ذكر الله تعالى ومع ذلك تُسن التسمية فيه، ففي غيره أولى، ومن ثم ساقه المصنف ههنا لمشروعية التسمية عند الوضوء ولم يسق حديث: "لا وضوء لمن لم يذكر الله عليه" مع كونه أبلغ في الدلالة، لكونه ليس على شرطه بل هو مطعون فيه، انتهى.

وهكذا قال غير واحد من شرَّاح الحديث، ولا بد أن يرد عليه ذكر المصنف إياه في غير محله بوجهين: الأول: تأخيره عن غسل الوجه، والثاني: ذكر أبواب الاستنجاء بعد التسمية على الوضوء، ولو يراد به التسمية في بدء الاستنجاء فلا إيراد أصلًا، ويثبت من التسمية على الوضوء بالطريق الأولى، وبعموم لفظ: "على كل حال" فالظاهر عندي أن الإمام أراد بهذا الباب التسمية عند الخلاء، ولذا قدَّمه على الدعاء الآتي في الباب اللاحق خلافًا لما عليه عامة المشايخ والشرَّاح من حملهم إياه على التسمية عند الوضوء، فلو سلم فيمكن الاعتذار عن المصنف بذكره إياه ههنا أنه أشار بذلك إلى أن التسمية في أول الوضوء ليست بفرض بل هي مستحبة، فقدَّم الفرض وأخَّر الندب للتنبيه على مرتبتهما.

[(٩ - باب ما يقول عند الخلاء)]

أي: عند إرادة الدخول في الخلاء، وهذا عند الجمهور.

قال الأبهري: من يكره الذكر في تلك الحالة يفصِّل ويقول: أما في الأمكنة المعدة لذلك فيقوله قبيل دخولها، وأما في غيرها فيقوله في أوان الشروع؛ كتشمير ثيابه مثلًا، وهذا مذهب الجمهور وقالوا: من نسي يستعيذ بقلبه لا بلسانه، ومن يجيزه مطلقًا - كما نقل عن مالك - لا يحتاج إلى التفصيل، كذا في "البذل" (١).


(١) انظر: "بذل المجهود" (١/ ١٥٧)، و"فتح الباري" (١/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>