للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وراح" والخروج عام لا يقابله الرواح في المعنى المشهور، فأبدع المصنف في ذلك عندي نكتة بديعة، وهي أنه أشار بلفظ "خرج" في الترجمة إلى أن لفظ "غدا" في الحديث ليس بمعنى المشي صباحًا، بل المراد منه المشي مطلقًا في أي وقت كان، ولفظ الترجمة في "الفتح" "باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح".

قال الحافظ (١): هكذا للأكثر موافقًا للفظ الحديث، ولأبي ذر بلفظ "خرج" بدل "غدا" وعلى هذا فالمراد بالغدو الذهاب، وبالرواح الرجوع، انتهى.

قلت: هذا هو اللائق بدقائق البخاري فكأنه أشار بذلك إلى تقوية معنى حديث أبي داود (٢) عن أُبي بن كعب في قصة رجل بعيد الدار عن المسجد، قال: ما أحب أن منزلي إلى جنب المسجد، فنمي الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأله عن ذلك، فقال: أردت يا رسول الله أن يكتب لي إقبالي إلى المسجد ورجوعي إلى أهلي إذا رجعت، فقال: "أعطاك الله ذلك كله، أنطاك الله ما احتسبت كله أجمع"، انتهى.

[(٣٨ - باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)]

كتب الشيخ في "اللامع" (٣): أراد بذلك أنه ليس في هذا المكان غير المكتوبة، وذلك لما ورد في كثير من الروايات تأكيد سُنَّة الفجر مع التأكيد في أمر الجماعة حتى إن كثيرًا من العلماء قال بوجوبها، فطريق العمل بهما أن يأتي بالسنن في غير ذلك المكان إذا لم يخف فوات الجماعة، جمعًا بين المنقبتين وإحرازًا لكلتا المكرمتين، كيف وقد ورد في الرواية استثناء بقوله: "إلا ركعتي الفجر"، انتهى.

والمسألة خلافية شهيرة ذكروا فيها تسعة مذاهب بسطت في


(١) "فتح الباري" (٢/ ١٤٨).
(٢) "سنن أبي داود" (ح: ٥٥٧).
(٣) "لامع الدراري" (٣/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>