للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلامة القسطلاني (١).

وفي "الفيض" (٢): واعلم أن الاختلاف المذكور إنما هو في البيع خاصةً، لا في سائر التصرفات؛ لأنهم جوّزوا الهبة والتصدق قبل القبض، كما في "النهاية" و"البحر" عن محمد، ولذا ترى أرباب المتون لم يضعوا المسألة إلا في البيع، ففي "الهداية": من اشترى شيئًا مما ينقل ويحول، لم يجز له بيعه، حتى يقبضه، ويجوز بيع العقار قبل القبض عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا يجوز، انتهى.

(٥٦ - باب من رأى إذا اشترى طعامًا جزافًا. . .) إلخ

قال الحافظ (٣): أي: تعزير من يبيعه قبل أن يؤويه إلى رحله، ذكر فيه حديث ابن عمر في ذلك، وهو ظاهر فيما ترجم له، وبه قال الجمهور، لكنهم لم يخصوه بالجزاف ولا قيَّدوه بالإيواء إلى الرحال، أما الأولى فلما ثبت من النهي عن بيع الطعام قبل قبضه فدخل فيه المكيل، وأما الثاني فلان الإيواء إلى الرحال خرج مخرج الغالب، وفرق مالك في المشهور عنه بين الجزاف والكيل، فأجاز بيع الجزاف قبل قبضه وبه قال الأوزاعي وإسحاق، واحتج لهم بأن الجزاف مرئي فتكفي فيه التخلية، والاستيفاء إنما يكون في مكيل أو موزون. وفي الحديث: مشروعية تأديب من يتعاطى العقود الفاسدة، وإقامة الإمام على الناس من يراعي أحوالهم في ذلك، والله أعلم، انتهى مختصرًا.

قلت: وغرض الترجمة عندي رد على المالكية فإنهم فرقوا بين الجزاف والمكيل بخلاف الجمهور.


(١) "إرشاد الساري" (٥/ ١١١).
(٢) "فيض الباري" (٣/ ٤٤٠).
(٣) "فتح الباري" (٤/ ٣٥٠ - ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>