للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٧ - باب ميراث الملاعنة)]

قال الحافظ (١): المراد بيان ما ترثه من ولدها الذي لاعنت عليه، ثم ذكر تفصيل الخلاف في المسألة إذ قال: وقد اختلف السلف في معنى إلحاقه بأمه مع اتفاقهم على أنه لا ميراث بينه وبين الذي نفاه، فجاء عن علي وابن مسعود أنهما قالا في ابن الملاعنة: "عصبته عصبة أمه يرثهم ويرثونه"، وبه قال النخعي والشعبي، وجاء عن علي وابن مسعود أنهما كانا يجعلان أمه عصبة وحدها فتعطى المال كله، فإن ماتت أمه قبله فماله لعصبتها، وبه قال جماعة منهم أحمد في رواية، وجاء عن علي أن ابن الملاعنة ترثه أمه وإخوته منها، فإن فضل شيء فهو لبيت المال، وهذا قول زيد بن ثابت وجمهور العلماء وأكثر فقهاء الأمصار، قال مالك: وعلى هذا أدركت أهل العلم، إلى آخر ما بسط في الدلائل.

وفي "الأوجز" (٢) بعد ذكر مسلك الجمهور عن صاحب "المحلى": قال أبو حنيفة: للأم فرضها، والباقي يرد عليها، وإن كان معها صاحب فرض آخر يرد الفضل عليهم على قدر سهامهم، ويشهد له ما رواه عبد الرزاق عن ابن مسعود: "ميراث ولد الملاعنة كله لأمه"، ومن المرفوع ما رواه أبو داود عن واثلة بن الأسقع: "تحوز المرأة ثلاث مواريث: عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت منه"، انتهى.

قلت: وحاصل المذاهب أنه ينقطع التوارث بينه وبين أبيه إجماعًا، وترث الأم حقها، والباقي لها ولأهل الفروض بالردّ عند أبي حنيفة، وللأم للعصبية في إحدى الروايتين عن أحمد، والأخرى له لبيت المال، وهو قول مالك والشافعي، والبسط في "الأوجز".


(١) "فتح الباري" (١٢/ ٣١).
(٢) "أوجز المسالك" (١١/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>