للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث فيها، ويعطف الباقي عليه لكونه سمعها هكذا، وأن مسلمًا في نسخة معمر عن همام عن أبي هريرة سلك طريقًا نحو هذه، فإنه يقول في أول كل حديث منها: فذكر أحاديث منها وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيت وكيت، انتهى من "الفتح" (١). قلت: وهذا التوجيه هو الأوجه عندي من بين التوجيهات الأخر كما تقدم في الطهارة.

[(١١٠ - باب البيعة في الحرب على أن لا يفروا وقال بعضهم: على الموت)]

كأنه أشار إلى أن لا تنافي بين الروايتين لاحتمال أن يكون ذلك في مقامين، أو أحدهما يستلزم الآخر.

قوله: (لقوله تعالى. . .) إلخ، قال ابن المنيِّر (٢): أشار البخاري بالاستدلال بالآية إلى أنهم بايعوا على الصبر، ووجه أخذه منها قوله تعالى: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} [الفتح: ١٨] والسكينة الطمأنينة في موقف الحرب، فدل ذلك على أنهم أضمروا في قلوبهم أن لا يفروا فأعانهم على ذلك، ثم ذكر الحافظ التعقب على قول ابن المنيِّر هذا، فارجع إليه (٣).

قوله: (لا أبايع على هذا أحدًا. . .) إلخ، كتب الشيخ في "اللامع" (٤): لأن احتمال الخطأ لم يكن فيه - صلى الله عليه وسلم - دون غيره، فلعلي يتبين لي خطأ الأمير فأتركه ويلزم الموت على خلاف الحق، أو ترك البيعة، والثاني أسهل، انتهى.

قوله: (فبايعته الثانية) وإنما كرر عليه البيعة لأن الشدة في بيعة الشجعان أهيب للعدو، فإن البطل المقدام في الحروب الشجاع إذا تبايع على أنه لا يفر إلى أن يموت، كان ثباته في البلاء أظهر، وفي ثباته وتوطئة النفس على الهلاك هلاك نفوس الأعداء ما لا يخفى، فكان تكراره مفيدًا، انتهى من "اللامع" (٥). وبسط في هامشه الكلام على هذين القولين.


(١) "فتح الباري" (٦/ ١١٦).
(٢) "المتواري" (ص ١٦٤، ١٦٥).
(٣) "فتح الباري" (٦/ ١١٨).
(٤) "لامع الدراري" (٧/ ٢٥٥).
(٥) "لامع الدراري" (٧/ ٢٥٦، ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>