للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ (١): مراد المصنف الاستدلال على أن الإيمان يطلق على الأعمال؛ لأن المراد بالدين هنا العمل، والدين الحقيقي هو الإسلام، والإسلام الحقيقي مرادف للإيمان، فيصح بهذا مقصوده، ومناسبته لما قبله من قوله: "عليكم بما تطيقون"، لأنه لما قدَّم أن الإسلام يحسن بالأعمال الصالحة، أراد أن ينبِّه على أن جهاد النفس في ذلك إلى حد المغالبة غير مطلوب، وقد تقدم بعض هذا المعنى في "باب الدين يسر"، انتهى.

وفي "اللامع" (٢): قوله: "أحب الدين. . ." إلخ، والحب مختلفة مراتبه، فكذا الإيمان لترتبه عليه في الرواية، وباقي المعنى ظاهر.

وفي هامشه: قوله: "أحب الدين"، قال الكرماني (٣): أي أحب الأعمال، إذ الدين هو الطاعة، ومناسبة الكتاب من جهة أن الدين والإسلام والإيمان واحد، وقال الخطابي (٤): أحب الدين أحب الطاعة، والدينُ في كلامهم الطاعةُ، ومنه الحديث في صفة الخوارج: "يمرقون من الدين" (٥)، أي: من طاعة الإمام، ويحتمل أن يكون أراد بذلك أحب أعمال الدين بحذف المضاف.

[(٣٣ - باب زيادة الإيمان ونقصانه)]

قال الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٦): أراد بذلك الزيادة والنقصان بحسب تزايد المؤمن به وتناقصه، كما يدل عليه قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣]، فإن هذا الإكمال لم يكن إلا إكمال الأحكام والشرائع، وهو حق لا ريب فيه، وهذا هو المراد بقوله تعالى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: ١٣]، وقوله تعالى: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: ٣١]، وذلك لأنه كلما نزل حكم آمنوا به، فكانت في إيمانهم زيادة بحسب زيادة


(١) "فتح الباري" (١/ ١٠١).
(٢) "لامع الدراري" (١/ ٥٨٩).
(٣) "شرح الكرماني" (١/ ١٧١).
(٤) "أعلام الحديث" (١/ ١٧٤).
(٥) أخرجه البخاري (ح: ٣٣٤٤)، ومسلم (ح: ١٠٦٤).
(٦) "لامع الدراري" (١/ ٥٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>