للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاحدين، والمناظرة كانت في المتأولين المقرِّين بالفرضية، المنكرين لوجوب الأداء إلى الإمام.

والإشكال الثاني: أن مقتضى حديث الباب قتال كل من امتنع عن التوحيد، فكيف ترك قتال مؤدي الجزية والمعاهد؟

وأجاب الحافظ عن ذلك بستة أجوبة، منها: أن يقال: إن الغرض من ضرب الجزية اضطرارهم إلى الإسلام، وسبب السبب سبب، فكأنه قال: حتى يسلموا أو يلتزموا ما يؤديهم إلى الإسلام.

[(١٨ - باب من قال: إن الإيمان هو العمل)]

يعني بذلك: أن العمل وإن كان المتبادر منه عند الإطلاق أعمال الجوارح إلا أنه كثيرًا ما يطلق على العمل القلبي أيضًا، كما استشهد عليه بالآية والرواية، فمن قال منهم في تفسير الإيمان: إنه العمل، لم يعن به عمل الجوارح حتى يرد عليه أنه كيف خالف البداهة، بل غرضه هو الإيمان والعمل القلبي، والله أعلم، كذا في "اللامع".

وقال مسند الهند في "تراجمه" (١): المراد بالعمل ههنا مجموع عمل اللسان والقلب والجوارح، والاستدلال عليه بمجموع الآيات والأحاديث، إذ يدل كل من القرآن والسُّنَّة على بعض الدعوى بحيث يدل الكل [على الكل]، انتهى.

ثم رأيت أن العلامة الكرماني (٢) سبق إلى ذلك، ولا يذهب عليك أن الإمام البخاري ترجم ههنا "باب من قال: إن الإيمان هو العمل"، وتقدم في أول كتاب الإيمان هو قول وفعل، وظاهر ما قال شيخ الهند: أن الغرض من الأول كان إثبات أن الأعمال هي أجزاء، والمقصود ههنا أن


(١) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٣٤، ٣٥).
(٢) "شرح الكرماني" (١/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>