للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٣ - باب قوله - عز وجل -: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: ٢٩])

قال العلَّامة القسطلاني (١): سقط لفظ "باب" لغير أبي ذر، قوله: "مصرفًا: معدلًا" قاله أبو عبيدة، ومراده قوله تعالى: {وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} [الكهف: ٥٣]. قوله: "صرفنا" في قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا. . .} إلخ [الأحقاف: ٢٩]، قال المؤلف: أي: "وجهنا"، وكان ذلك حين انصرف - صلى الله عليه وسلم - راجعًا من الطائف إلى مكة حين يئس من ثقيف، [و] عن ابن عباس: أن الجن كانوا سبعة من جن نصيبين، فجعلهم رسول الله رسلًا إلى قومهم، وعن مجاهد فيما ذكره ابن أبي حاتم: كانوا ثلاثة من حران، وأربعة من نصيبين، ذكر القسطلاني أسماءهم، ثم قال: وقيل: إنهم كانوا اثني عشر ألفًا، انتهى.

قلت: لم يتعرض الشرَّاح لغرض الترجمة، والأوجه عند هذا العبد الضعيف: أن الإمام البخاري - رحمه الله - أشار به إلى مستدل الإمام أبي حنيفة - رحمه الله - في المسألة المذكورة في الباب السابق، فإن مستدل الإمام في مسلكه فيه هو هذه الآية، إذ ليس فيها إلا الإجارة من العذاب، ففي "التفسير الأحمدي": وقال إمامنا الأعظم: إنهم لم يثابوا كالإنس، وغاية نفع إيمانهم أنهم ينجون من العذاب؛ لقوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف: ٣١]، هكذا ذكر في "المدارك" و"الكشاف" و"البيضاوي"، انتهى.

قلت: ونُقل فيه عن الإمام التوقف أيضًا، ففي "روح المعاني" (٢): قال النسفي في "التيسير" - في الآية المذكورة قبل -: توقف أبو حنيفة في ثواب الجن في الجنة ونعيمهم؛ لأنه لا استحقاق للعبد على الله تعالى، ولم يقل بطريق الوعد في حقهم إلا المغفرة والإجارة من النار، وأما نعيم الجنة فموقوف على الدليل، انتهى.

ثم قال الحافظ (٣): لم يذكر المصنف في هذا الباب حديثًا، واللائق


(١) "إرشاد الساري" (٧/ ٢٣٨).
(٢) "روح المعاني" (١٣/ ١٨٩).
(٣) "فتح الباري" (٦/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>