للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اختلفوا هل يدخلون مدخل الإنس على أربعة أقوال: أحدها: نعم، وهو قول الأكثر، وثانيها: يكونون في ربض الجنة، وهو منقول عن مالك وطائفة، وثالثها: أنهم أصحاب الأعراف، ورابعها: التوقف عن الجواب، ثم ذكر دلائل الجمهور.

وبسط العيني (١) أيضًا أبحاثًا عديدةً في مسائل الجن، إلى آخر ما بسط في هامش "اللامع" (٢)، وفيه أيضًا: وعلم من ذلك أن ما قرره الشيخ مبني على مسلك الجمهور بخلاف المعروف عن الإمام أبي حنيفة، ولعل مأخذ قول الإمام في سورة الأحقاف: {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف: ٣١]، فإنه مرتب فيه على الإيمان وإجابة داعي الله الإجارة من النار فقط، انتهى.

ونقل عن الإمام التوقف أيضًا كما سيأتي في الباب الآتي.

قوله: (لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس. . .) إلخ، كتب الشيخ في "اللامع" (٣): فيه إثبات الجن وأن منهم مسلمين، فإن الشهادة للغير فرع كونه ناجيًا زكيًا غير مأخوذ، انتهى.

قلت: وما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه في المطابقة أجود مما قاله الشرَّاح. قال الحافظ وتبعه القسطلاني (٤): والغرض منه ههنا أنه يدل على أن الجن يحشرون يوم القيامة، انتهى.

وقال العيني (٥): مطابقته للترجمة في قوله: "الجن" وهو أيضًا يدل على وجود الجن خلافًا لمن أنكر ذلك، انتهى.


(١) "عمدة القاري" (١٠/ ٦٤٢ - ٦٤٦).
(٢) "لامع الدراري" (٧/ ٣٧٩ - ٣٨١).
(٣) "لامع الدراري" (٧/ ٣٨٣).
(٤) "فتح الباري" (٦/ ٣٤٦)، "إرشاد الساري" (٧/ ٢٣٨).
(٥) "عمدة القاري" (١٠/ ٦٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>