للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هامشه بعد ذكر ما سيأتي من كلام الشرَّاح: ولعلك قد دريت من هذا كله أن مآل كلام الشيخ وكلام الشرَّاح واحد، فالذي عبره الشيخ بتعدد النزول عبره الشرَّاح بالنسخ، والمؤدى واحد.

قال الحافظ (١): ثم هذه القراءة لم تنقل إلا عمن ذكر هنا، ومن عداهم قرءوا: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} وعليها استقر الأمر مع قوة إسناد ذلك إلى أبي الدرداء ومن ذكر معه، ولعل هذا ممن نسخت تلاوته ولم يبلغ النسخ أبا الدرداء ومن ذكر معه، والعجب من نقل الحفاظ من الكوفيين هذه القراءة عن علقمة، وعن ابن مسعود وإليهما تنتهي القراءة بالكوفة، ثم لم يقرأ بها أحد منهم، وكذا أهل الشام حملوا القراءة عن أبي الدرداء ولم يقرأ أحد بهذا، فهذا مما يقوي أن التلاوة بها نسخت، انتهى.

قال العيني (٢): وإنما قال: "لا أتابعهم" مع كون قراءتهم متواترة؛ لكون طريقه طريقًا يقينيًا وهو سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن قلت: فعلى هذا كان ينبغي أن لا يخالفوه، قلت: لهم طريق يقيني أيضًا وهو ثبوت قراءتهم بالتواتر، وقال المازري: يجب أن يعتقد في هذا وما في معناه أنه كان قرآنًا ثم نسخ، ولم يعلم من خالف النسخ فبقي على النسخ، قال: أو لعله وقع من بعضهم قبل أن يبلغ مصحف عثمان - رضي الله عنه - المجمع عليه المحذوف منه كل منسوخ، وأما بعد ظهور مصحف عثمان فلا يظن واحد منهم أنه خالف فيه، انتهى.

(٣ - باب قوله: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} [الليل: ٥])

ذكر فيه حديث علي - رضي الله عنه -: "كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بقيع الغرقد" الحديث، ذكره في خمسة تراجم أخرى الآتية من هذه السورة كلها من طريق الأعمش، إلا الخامس فمن طريق منصور، كلاهما عن سعد بن عبيدة عن


(١) "فتح الباري" (٨/ ٧٠٧).
(٢) "عمدة القاري" (١٣/ ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>