للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الموفق (١): إذا عرّف اللقطة حولًا فلم تعرف، ملكها ملتقطها، وصارت من ماله، غنيًا كان الملتقط أو فقيرًا، وبه قال الشافعي وإسحاق، وقال مالك وأصحاب الرأي والثوري: يتصدق بها، فإذا جاء صاحبها خيّره بين الأجر والغرم، قالوا: وليس له أن يتملكها إلا أن أبا حنيفة قال: له ذلك، إن كان فقيرًا من غير ذوي القربى، إلى آخر ما بسط في "الأوجز" (٢).

وها هنا مسألة أخرى ذكرها الحافظ ها هنا وترجم عليها البخاري فيما سيأتي من "باب إذا جاء صاحبها اللقطة بعد سنة. . ." إلخ، وهي ما قال الحافظ (٣): واختلف العلماء في ما إذا تصرف في اللقطة بعد تعريفها سنة، ثم جاء صاحبها هل يضمنها أم لا؟ فالجمهور على وجوب الرد إن كانت العين موجودة، أو البدل إن كانت استهلكت، وخالف في ذلك الكرابسي صاحب الشافعي، ووافقه صاحباه البخاري وداود بن علي إمام الظاهرية، لكن وافق داود الجمهور إذا كانت العين قائمة. ومن حجة الجمهور قوله في الرواية الماضية: "ولتكن وديعة عندك. . ."، إلى آخر ما بسط في دلائل مسلك الجمهور، ثم قال: وإذا تقرر هذا أمكن حمل قول المصنف في الترجمة: "فهي لمن وجدها" أي: في إباحة التصرف فيها حينئذ، وأما أمر ضمانها بعد ذلك فهو ساكت عنه، انتهى.

قلت: وما أفاده الحافظ - رحمه الله - أخيرًا فهو وجهه، فعلى هذا لا تنافي بين هذه الترجمة وبين ما ستأتي من "باب إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه؛ لأنها وديعة عنده"، فافهم.

[(٥ - باب إذا وجد خشبة في البحر. . .) إلخ]

قال الحافظ (٤): أي: ماذا يصنع به، هل يأخذه أو يتركه؟ وإذا أخذه هل يتملكه أو يكون سبيله سبيل اللقطة؟ وقد اختلف العلماء فيه، انتهى.


(١) "المغني" (٨/ ٢٩٩).
(٢) "أوجز المسالك" (١٤/ ٢٢٨).
(٣) "فتح الباري" (٥/ ٨٤، ٨٥).
(٤) "فتح الباري" (٥/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>