للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوب الجزاء عليه، فالقرآن دلَّ على وجوب الجزاء على المتعمد وعلى تأثيمه بقوله تعالى: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: ٩٥]، وجاءت السُّنَّة من أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بوجوب الجزاء في الخطإ، لكن المتعمد مأثوم والمخطئ غير مأثوم، وهذه المماثلة باعتبار الخلقة والهيئة عند مالك والشافعي، والقيمة عند أبي حنيفة، انتهى.

قال الحافظ (١): وخالف أهل الظاهر في الخطإ بقوله تعالى: {مُتَعَمِّدًا}، فإن مفهومه أن المخطئ بخلافه، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وعكس الحسن ومجاهد فقالا: يجب الجزاء في الخطإ فقط دون العمد، فيختص الجزاء بالخطإ والنقمة بالعمد، إلى آخر ما بسط.

[(٢ - باب وإذا صاد الحلال فأهدى للمحرم. . .) إلخ]

تقدم ذكره في الباب السابق، وقال صاحب "الفيض" (٢): ذهب جماعة من السلف إلى أنه لا يحل لحم الصيد للمحرم مطلقًا سواء صاده أو صيد له، أو لم يصد له، وقال الحجازيون بجوازه بشرط ما لم يصد له، ويجوز عندنا ما لم يشر أو يعن عليه، سواء صيد له أو لا، والبخاري وافقنا في المسألة ولذا لم يخرج حديث الحجازيين، وأخرج حديث أبي قتادة، وهو حجة للحنفية، وليس في طريق منه أنه سأله أنه صاده بنيَّتهم أو لا، مع أن المدار عليه عند الشافعية، والظاهر من عادات الناس أنهم ينوون في مثله لرفقائهم أيضًا، سيما إذا كان الصيد كالحمار الوحشي جسيمًا يشبع جماعةً، ومع أنه سأله عن دلالته وإشارته، فهذا وإن كان سكوتًا لكنه سكوتٌ في موضع البيان، وهو بيان حكمًا أيّ بيان، ولو بسطته علمت أنه فوق البيان، فإنه يوجب السكوت من صاحب الشرع في موضع النطق، والعياذ بالله، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٤/ ٢١).
(٢) "فيض الباري" (٣/ ٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>