للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: فعلى هذا يكون ردًا على من قال بعدم امتداد وقت المغرب، كما هو مشهور مذهب الشافعي ومالك، ففي "الأوجز" (١): وأول المغرب مجمع على أنه من الغروب وآخره عند أئمتنا الثلاثة وبه قالت الحنابلة إلى غروب الشفق، وهو أحد قولي الشافعي ومالك وقالا في قولهما الثاني: لا وقت له إلا وقت واحد وهو أن يتطهر، ويصلي ثلاث ركعات، انتهى.

قوله: (كانوا أو كان النبي - صلى الله عليه وسلم -. . .) إلخ، اختلط كلام الشرَّاح في شرحه وما ظهر لي من كلامهم أن فيه احتمالات، منها ما قال الكرماني (٢): شك من الراوي، أي: قال: كانوا يصلونها بغلس أو كان يصليها بغلس، وهما متلازمان فإنه عليه الصلاة والسلام كان معهم وهم كانوا معه، ورجح الحافظان ابن حجر والعيني هذا المعنى، ومنها ما قال ابن بطال: إن فيه حذفين، أحدهما: خبر كانوا، وثانيهما: الجملة بأسرها بعده، أي: كانوا مجتمعين أو لم يكونوا مجتمعين كان - عليه السلام - يصليها بغلس.

ومنها ما قال ابن التين: إن كان تامة بمعنى حضر، وفيه حذف واحد بعد أو، أي: حضروا أو لم يحضروا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصليها بغلس.

ومنها ما قال ابن المنيِّر: الصبح يصليها بغلس كانوا مجتمعين أو كان - عليه السلام - وحده، فحذف مجتمعين من الأول، ووحده من الثاني.

[(١٩ - باب من كره أن يقال للمغرب: العشاء)]

قال الحافظ (٣): لم يجزم به على دأبه؛ لأن الحديث عنده لا يدل على المنع مطلقًا بل يدل على منع الغلبة، وعلة النهي أن العشاء لغة أول ظلام الليل، ومبدؤه من غروب الشفق، فيوهم أن وقت المغرب من غروب الشفق، وأيضًا فيه الالتباس من صلاة العشاء، وأيضًا لفظ صلاة المغرب لفظ شرعي نبوي والعشاء أعرابي، انتهى ملخصًا.


(١) "أوجز المسالك" (١/ ٢٥٩).
(٢) انظر: "شرح الكرماني" (٤/ ٢٠٥).
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>