للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٦ - باب تعديل كم يجوز؟)]

أي: هل يشترط في قبول التعديل عدد معين؟ أورد فيه حديثي أنس وعمر في ثناء الناس بالخير والشر، وفيهما قوله عليه الصلاة والسلام "وجبت" قال ابن بطال (١): فيه إشارة إلى الاكتفاء لتعديل واحد، وفيه غموض، وكأن وجهه أن في قوله: "ثم لم نسأله عن الواحد" إشعارًا بعيدًا بأنهم كانوا يعتمدون قول الواحد في ذلك لكنهم لم يسألوا عن حكمه في ذلك المقام، وسيأتي للمصنف بعد أبواب التصريح بالاكتفاء في التزكية بواحد (٢)، وكأنه لم يصرِّح به ها هنا لما فيه من الاحتمال، انتهى مختصرًا.

قلت: ولا يبعد عندي أن الإمام البخاري أشار بالترجمتين إلى المذهبين، قال الكرماني (٣): قال ابن بطال: اختلفوا في عدد المعدلين، فقال مالك والشافعي: لا يقبل في الجرح والتعديل أقل من رجلين، وبه قال أحمد كما في "المغني" (٤)، وقال أبو حنيفة: يقبل تعديل الواحد وجرحه، وذكر العيني (٥) أبا يوسف مع أبي حنيفة، ومحمدًا مع الشافعي، فالظاهر أن الإمام البخاري أشار بهذه الترجمة إلى المذهب الأول، وبالآتية وهي "باب إذا زكّى رجل رجلًا. . ." إلخ، إلى المذهب الثاني، وميل الإمام البخاري إلى المذهب الثاني لأنه صرَّح فيها بالحكم بكفاية تعديل الواحد ولم يصرِّح ها هنا بالحكم، انتهى من هامش "اللامع" (٦)، وذكر القسطلاني (٧) مالكًا وصاحبا أبي حنيفة مع الشافعي.

وكتب الشيخ - رحمه الله - في "اللامع" (٨): ودلالة الرواية على الترجمة


(١) (٨/ ٢٦).
(٢) انظر: "صحيح البخاري" (ح: ٢٦٦٢).
(٣) "شرح الكرماني" (١١/ ١٦٤).
(٤) "المغني" (١٤/ ٤٧).
(٥) "عمدة القاري" (٩/ ٤٨٣).
(٦) "اللامع" (٧/ ٥٧).
(٧) "إرشاد الساري" (٦/ ٩٠).
(٨) "لامع الدراري" (٧/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>