للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم" الحديث، وما أفاده الشيخ - رحمه الله - هو الظاهر من غرض الترجمة لأنه ليس في الحديث ما يدل على مصداق العدل.

وبسط العلَّامة العيني الأقوال في تفسيره، والأوجه عندي: أن ميل الإمام البخاري في ذلك إلى قول الإمام أبي حنيفة، ففي "الهداية" (١): قال أبو حنيفة: يقتصر الحاكم على ظاهر العدالة في المسلم ولا يسأل عن حال الشهود حتى يطعن الخصم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدودًا في قذف" ولأن الظاهر هو الانزجار عمّا ما هو محرم دينه وبالظاهر كفاية إذ لا وصول إلى القطع إلا في الحدود والقصاص فإنه يسأل عن الشهود؛ لأنه يحتال لإسقاطها، فيشترط الاستقصاء فيها، وقال صاحباه: لا بد أن يسأل عنهم في السر والعلانية في سائر الحقوق؛ لأن القضاء مبناه على الحجة، وهي شهادة العدول فيتعرف عن العدالة، وقيل: هذا اختلاف عصر وزمان، والفتوى على قولهما في هذا الزمان، انتهى مختصرًا.

وبسط الكلام على المسألة في "الأوجز" (٢)، وعنه في هامش "اللامع" (٣) وفيه من رواية "الموطأ" في قصة وفي آخرها: قال عمر رضي الله تعالى عنه: "والله لا يؤسر رجل في الإسلام بغير العدول" قال الباجي (٤): معناه لا يؤسر إلا بالصحابة الذين جميعهم عدول أو بالعدل من غيرهم، فمن لم يكن من الصحابة ولم تعرف عدالته لم تقبل شهادته وهذا مذهب مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: مجرد الإسلام يقتضي العدالة حتى يعرف فسقه، انتهى.


(١) "الهداية" (٥/ ٤٢٣ - ٤٢٤).
(٢) "أوجز المسالك" (١٣/ ٥٦٧ - ٥٧٠).
(٣) "اللامع" (٧/ ٥٦).
(٤) "المنتقى" (٥/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>