للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ في "اللامع" (١): ظاهر استدلاله بالآية أن المذكور في معرض المساواة هو المسجد الحرام لا غير، فيكون غير المسجد من أراضي مكة أولى بالمالك وأحق بتصرفه، ودلالة الرواية عليه من حيث إطلاق دارك بالإضافة وهو علامة الملك، وكذلك قول الراوي: "ورث أبا طالب" يدل على جريان الإرث فيها، والجواب أن تخصيص ذكر المسجد باستواء حقوقهم لا ينفي الاستواء في غير المسجد مع أن علة الحكم وهو التضييق على الحاج مشتركة، وأما الإرث والإضافة المذكورتان في الرواية فباعتبار البناء أو سبق اليد كمن جلس في مسجد فوضع ثمة ثوبه، أو ألقى خيمته في وادي منى وغيره، فإنه أحق به من غيره لسبق يده ولا تملك هنا، انتهى.

وبسط في هامشه الكلام عليه وفيه: قال الجصاص في "أحكام القرآن" (٢): قال الله تعالى: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: ٢٥]، روي عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مكة مناخ لا تباع رباعها، ولا تؤاجر بيوتها"، وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كانوا يرون الحرم كله مسجدًا سواء العاكف فيه والبادي، وفيه أيضًا: بسط الشيخ ابن القيم في "الهدي" في ذلك فقال: المراد بالمسجد الحرام ها هنا الحرم كله كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨]، فهذا المراد به الحرم كله، وقال تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ} الآية [البقرة: ١٩٦]، وليس المرد به حضور نفس موضع الصلاة اتفاقًا. . . إلى آخر ما فيه.

[(٤٥ - باب نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة. . .) إلخ]

قال الحافظ (٣): أي: موضع نزوله، ووقع هنا في نسخة الصغاني "قال أبو عبد الله: نسبت الدور إلى عقيل، وتورث الدور وتباع وتشترى"


(١) "لامع الدراري" (٥/ ١٧١).
(٢) "أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ٢٢٨).
(٣) "فتح الباري" (٣/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>