للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي ذكره القسطلاني ملخص ما بسطه الحافظ في "الفتح".

[(٩٣ - باب ما يكره من ضرب النساء)]

فيه إشارة إلى أن ضربهن لا يباح مطلقًا بل فيه ما يكره كراهة تنزيه أو تحريم على ما سنفصله.

قوله: (وقول الله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} أي: ضربًا غير مبرح) هذا التفسير منتزع من المفهوم من حديث الباب من قوله: "ضرب العبد" كما سأوضحه، وقد جاء ذلك صريحًا في حديث عمرو بن الأحوص "أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" فذكر حديثًا طويلًا، وفيه: "فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرح" الحديث أخرجه أصحاب السنن وصححه الترمذي واللفظ له، وفي حديث جابر الطويل عند مسلم: "فإن فعلن فاضربوهن ضربًا غير مبرح"، قلت: وسبق التنصيص في حديث معاوية بن حيدة على النهي عن ضرب الوجه، انتهى من "الفتح" (١).

ثم بسط الحافظ في الروايات الواردة في إباحة ضربهن ومنعه إلى أن قال: وفي قوله: "لن يضرب خياركم" دلالة على أن ضربهن مباح في الجملة، ومحل ذلك أن يضربها تأديبًا إذا رأى منها ما يكره فيما يجب عليها فيه طاعته، فإن اكتفى بالتهديد ونحوه كان أفضل، ومهما أمكن الوصول إلى الغرض بالإيهام لا يعدل إلى الفعل لما في وقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن المعاشرة المطلوبة في الزوجية، إلا إذا كان في أمر يتعلق بمعصية الله، وقد أخرج النسائي حديث عائشة: "ما ضرب رسول الله امرأة له ولا خادمًا قط، ولا ضرب بيده شيئًا قط إلا في سبيل الله، أو تنتهك حرمات الله فينتقم لله" صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا كثيرًا، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٩/ ٣٠٣، ٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>