للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عصى، ومعنى الآية في الجملة أن الله تعالى لم يخلقهم للعبادة خلق جبلة واختيار، وإنما خلقهم لها خلق تكليف واختبار، فمن وفقه وسدده أقام العبادة التي خلق لها، ومن خذله وطرده حرمها وعمل بما خلق له كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" وفي نفس الأمر هذا سر لا يطلع عليه غير الله تعالى، وقال: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢٣]، انتهى.

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (١): والفرق بين التأويلين أن المراد بالجن والإنس في التوجيه الأول صلحاؤهما فقط، وفي الثاني أعم منهم غير أن الطلحاء لم يأتوا ما أريد منهم، انتهى. وهو حاصل ما تقدم عن كلام العلامة العيني وهو مؤدى كلام الحافظ.

وكتب الشيخ أيضًا: قوله: (وليس فيه حجة لأهل القدر) القائلين بوقوع الشر من غير إرادته تعالى وأن الشر غير مخلوق له، وعدم حجيته لهم ظاهر فإن عدم كونه مرادًا لا يقتضي أنه ليس مخلوقًا له، انتهى.

ذكر الحافظ (٢) في آخره هذه السورة: (تنبيه): لم يذكر البخاري في هذه السورة حديثًا مرفوعًا، ويدخل فيها على شرطه حديث أخرجه أحمد والترمذي والنسائي من طريق أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، قال: "أقرأني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني أنا الرزاق ذو القوة المتين"، قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان، انتهى.

(٥٢) {وَالطُّورِ}

هكذا في النسخة "الهندية"، وفي نسخ الشروح الثلاثة بزيادة لفظ "سورة" والبسملة بعدها.

قال العلامة العيني (٣): قال أبو العباس: مكية كلها، وذكر الكلبي أن


(١) "لامع الدراري" (٩/ ١٦٦).
(٢) "فتح الباري" (٨/ ٦٠١).
(٣) "عمدة القاري" (١٣/ ٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>