للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق لحديث الباب عند الترمذي، وقد اختلف العلماء في معنى هذا الحديث، فمنهم من حمله على ظاهره فقال: لا يكون رمضان ولا ذو الحجة أبدًا إلا ثلاثين، وهذا قول مردود معاند للموجود والمشاهد، ويكفي في رده قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته"، الحديث، فإنه لو كان رمضان أبدًا ثلاثين لم يحتج إلى هذا، ومنهم من تأول له معنى لائقًا.

ثم ذكر الحافظ القولين المذكورين في ترجمة الباب عن أحمد وإسحاق، ثم قال: وهذان القولان مشهوران عن السلف، وقد ثبتا منقولين في أكثر الروايات في البخاري، وذكر القرطبي أن فيه خمسة أقوال، منها: أن معناه لا ينقصان في عام بعينه، وهو العام الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم - تلك المقالة، وقيل: المعنى لا ينقصان في الأحكام، وبهذا جزم البيهقي وقبله الطحاوي فقال: معناه أن الأحكام فيهما وإن كانا تسعة وعشرين متكاملة غير ناقصة عن حكمهما إذا كانا ثلاثين، وقيل: لا ينقصان في نفس الأمر لكن ربما حال دون رؤية الهلال مانع، ولا يخفى بعده، وقيل: لا ينقصان معًا في سنة واحدة على طريق الأكثر الأغلب وإن ندر وقوع ذلك، وهذا أعدل مما تقدم؛ لأنه ربما وجد وقوعهما ووقوع كل منهما تسعة وعشرين، انتهى من "الفتح" مختصرًا.

[(١٣ - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا نكتب ولا نحسب)]

قال الحافظ (١): بالنون فيهما، والمراد أهل الإسلام الذين بحضرته عند تلك المقالة، وهو محمول على أكثرهم، أو المراد نفسه - صلى الله عليه وسلم -.

ثم قال الحافظ: ولا يرد على ذلك أنه كان فيهم من يكتب ويحسب؛ لأن الكتابة كانت فيهم قليلة نادرة، والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضًا إلا النزر اليسير، فعلَّق الحكم


(١) انظر: المصدر السابق (٤/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>