للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأئمة في ذلك، ولعل ذلك لاختلاف الروايات عنهم. . .، إلى آخر ما فيه. وعند الحنفية فيه أيضًا قولان أشهرهما السُّنِّية، وفي "مراقي الفلاح" (١): العمرة سُنَّة، قال الطحطاوي: أي: مؤكدة على المذهب، وصحح في "الجوهرة" وجوبها، انتهى.

قلت: لفظ الترجمة ها هنا نظير ما تقدم في أوائل "الحج" من قوله: "باب وجوب الحج وفضله"، وتقدم الكلام هناك في إثبات الفضل وما هو الأوجه عندي، ثم لا يشكل قوله: "وفضله"، فإن الفضل لا ينافي الوجوب، بل الوجوب مستلزم للفضل كما تقدم هناك عن العلامة السندي (٢)، فارجع إليه.

[(٢ - باب من اعتمر قبل الحج)]

أي: هل تجزئه العمرة أم لا؟ انتهى من "الفتح" (٣).

وكتب الشيخ في "اللامع" (٤): يعني بذلك أن ما ورد من النهي عن تقديم العمرة على الحجة، فإنما هو أدب وإرشاد لما هو الأفضل؛ لأن في تقديم العمرة على الحجة مظنة فوات الحجة لبعد المسافة في العادة، وكثرة المشاغل العائقة عن المعاودة، ولعله لا يوفق للمعاودة ثانيًا فيحج معِ أن الحجة وهي فريضة أولى بالتقديم، والمبادرة إليها من العمرة وهي سُنَّة.

وأما الجواز لو قدمها عليها فغير منكر ولا مبرهن على عدمه، كيف! وقد قدَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرته على حجته، وهذا الاحتجاج بفعله - صلى الله عليه وسلم - إنما يتم لو كان فرض الحج قبل عمرته، فأما عند من قال: إنه فرض في السنة التاسعة، فلا يمكن أن يستدل بفعله، انتهى.


(١) (ص ٤٨٤).
(٢) "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ٢٦٤).
(٣) "فتح الباري" (٣/ ٥٩٩).
(٤) "لامع الدراري" (٥/ ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>