للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عليه الصلاة والسلام: "من بلغ حدًا في غير حد فهو من المعتدين"، وإذا تعذّر تبليغه حدًا، فأبو حنيفة ومحمد نظرَا إلى أدنى الحد، وهو حد العبد في القذف، فصرفاه إليه، وذلك أربعون فنقصا منه سوطًا، وأبو يوسف اعتبر أقل الحد في الأحرار، إذ الأصل هو الحرية، ثم نقص سوطًا في رواية عنه، وهو قول زفر، وهو القياس، وفي هذه الرواية نقص خمسة، وهو مأثور عن علي فقلده، انتهى.

فعلم منه أن محمدًا في هذه المسألة مع أبي حنيفة لا كما تقدم عن القسطلاني، وحكى العيني (١) عن الطحاوي أنه قال: لا يجوز اعتبار التعزير بالحدود؛ لأنهم لم يختلفوا في أن التعزير موكول إلى اجتهاد الإمام فيخفف تارة ويشدد أخرى، انتهى.

وفي "الدر المختار" (٢): والتعزير ليس فيه تقدير، بل هو مفوض إلى رأي القاضي وعليه مشايخنا؛ لأن المقصود منه الزجر، وأحوال الناس فيه مختلفة، قال ابن عابدين: أي: ليس في أنواعه تقدير، وهذا حاصل قوله قبله: ويكون بالضرب وبالحبس وبالصفع على العنق وفرك الأذن، انتهى.

[(٤٣ - باب من أظهر الفاحشة والتلطخ والتهمة بغير بينة)]

قال الحافظ (٣): أي: ما حكمه؟ والمراد بإظهار الفاحشة أن يتعاطى ما يدلّ عليها عادةً من غير أن يثبت ذلك ببينة أو إقرار، وباللطخ الرمي بالشر يقال: لطخ فلان بكذا، أي: رمى بشر، وبالتهمة من يتهم بذلك من غير أن يتحقق فيه ولو عادة، انتهى.


(١) "عمدة القاري" (١٦/ ١٢٤).
(٢) "رد المحتار" (٧/ ١٠٦، ١٠٧).
(٣) "فتح الباري" (١٢/ ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>