للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوقف وقال: "لا جناح على من وليه أن يأكل" ولم يخص إن وليه عمر أو غيره، وفي وجه الدلالة منه غموض، وقد تعقب بأن غاية ما ذكر عن عمر هو أن كل من ولي الوقف أبيح له التناول، وقد تقدم ذلك في الترجمة التي قبلها، ولا يلزم من ذلك أن كل أحد يسوغ له أن يتولى الوقف المذكور.

قال الحافظ: والذي يظهر أن مراده أن عمر لما وقف ثم شرط لم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بإِخراجه عن يده فكان تقريره لذلك دالًا على صحة الوقف وإن لم يقبضه الموقوف عليه، قال الداودي: ما استدل به البخاري على صحة الوقف قبل القبض من قصة عمر حمل للشيء على ضده وتمثيله بغير جنسه. . .، إلى آخر ما بسطه.

[(١٤ - باب إذا قال: داري صدقة لله. . .) إلخ]

أي: تتم الصدقة قبل تعيين جهة مصرفها ثم يعيِّن بعد ذلك فيما شاء، وقوله: "فأجاز النبي - صلى الله عليه وسلم -" هو من تفقه المصنف، وقوله: "قال بعضهم. . ." إلخ، أي: لا يجوز حتى يعيِّن، وسيأتي بيانه في الباب الآتي الذي يليه، انتهى من "الفتح" (١).

[(١٥ - باب إذا قال: أرضي أو بستاني صدقة. . .) إلخ]

قال الحافظ (٢): هذه الترجمة أخصر من التي قبلها؛ لأن الأولى فيما إذا لم يعيِّن المتصدق عنه ولا المتصدق عليه، وهذه فيما عيَّن المتصدق عنه فقط، قال ابن بطال (٣): ذهب مالك إلى صحة الوقف وإن لم يعيِّن مصرفه، ووافقه أبو يوسف ومحمد والشافعي في قول، والقول الآخر للشافعي أن الوقف لا يصح حتى يعيِّن جهة مصرفه وإلا فهو باق على ملكه، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٥/ ٣٨٥).
(٢) "فتح الباري" (٥/ ٣٨٥).
(٣) (٨/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>