للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هامشه: قال الحافظ (١): مراد المصنف بالترجمة التنبيه على عدم اشتراط الاغتراف باليدين جميعًا، والإشارة إلى تضعيف الحديث الذي فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل وجهه بيمينه، وجمع الحليمي بينهما بأن هذا حيث كان يتوضأ من إناء يصب منه بيساره على يمينه، والآخر حيث كان يغترف، لكن سياق الحديث يأباه؛ لأن فيه أنه بعد أن تناول الماء بإحدى يديه أضافه إلى الأخرى وغسل بهما، انتهى.

وأنت ترى أن ما أفاده الشيخ لا يرد عليه ما أورده الحافظ على الحليمي؛ ولا يبقى التعارض بين الروايتين أيضًا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ الماء في اليمين وغسل به وجهه فكأنه غسله بيمينه، واليسار كان معينًا لليمين لحفظ الماء والإسباغ على الوجه، انتهى.

قلت: وسيأتي قريبًا أن أبواب الوضوء كلها متناسبة بعضها ببعض إلا أن المناسبة بينهما دقيقة يحتاج إلى التدبر والفهم الثاقب، وهذا الباب عندي تكملة للباب السابق، فإن الرجل يحتاج في الإسباغ والإكمال إلى الاستعانة باليدين، ويؤيده ما قال الحافظ في فوائد الحديث: وفيه غسل الوجه باليدين جميعًا إذا كان بغرفة واحدة؛ لأن اليد الواحدة قد لا يستوعبه، انتهى.

[(٨ - باب التسمية على كل حال. . .) إلخ]

عطف الجماع عليه من عطف الخاص على العام للاهتمام به، وليس العموم ظاهرًا من الحديث الذي أورده، لكن يستفاد من باب الأولى؛ لأنه إذا شرع في حالة الجماع وهي مما أمر فيه بالصمت فغيره أولى، وفيه إشارة إلى تضعيف ما ورد من كراهة ذكر الله في حالين: الخلاء والوقاع، لكن على تقدير صحته لا ينافي حديث الباب؛ لأنه يحمل على حال إرادة الجماع، انتهى (٢).


(١) "فتح الباري" (١/ ٢٤١).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>