للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشكل ذكر التسمية ههنا، وقد أجيب عنه وعن مثل أنواعه في هامش "اللامع" (١) مفصلًا لا بد من ذكره ههنا؛ لأنه كله مما يتعلق بالتراجم، ولفظه: اعلم أن الشرَّاح قاطبة اختلفوا في شأن الإمام البخاري في ذكر هذه التراجم المختلفة، فمن ناقد عليه ومن مثبت له بدقة النظر، وأنا أيضًا في الثاني كما سترى إن شاء الله تعالى في التراجم الآتية.

قال الكرماني (٢) في هذا الباب: فإن قلت: ما وجه الترتيب الذي لهذه الأبواب إذ التسمية إنما هي قبل غسل الوجه لا بعده، ثم إنَّ توسُّط أمر الخلاء بين أبواب الوضوء لا يناسب ما عليه الوجود؟

قلت: البخاري لا يراعي حسن الترتيب، وجملة قصده إنما هو في نقل الحديث وما يتعلق بتصحيحه لا غيره، ونعم المقصد، انتهى.

وقال الحافظ (٣) في "باب ما يقول عند الخلاء": أشكل إدخال هذا الباب والأبواب التي بعده إلى "باب الوضوء مرة مرة"؛ لأنه شرع في أبواب الوضوء، فذكر منها فرضه وشرطه وفضيلته وجواز تخفيفه واستحباب إسباغه، ثم غسل الوجه، ثم التسمية؛ ولا أثر لتأخيرها عن غسل الوجه؛ لأن محلها مقارنة أول جزء منه، فتقديمها في الذكر عنه وتأخيرها سواء، لكن ذكر بعدها القول عند الخلاء، واستمر في ذكر ما يتعلق بالاستنجاء، ثم رجع فذكر الوضوء مرة مرة، وقد خفي وجه المناسبة على الكرماني، فذكر قول الكرماني المذكور.

ثم قال: وقد أبطل هذا الجواب في التفسير، فقال: لما ناقش البخاري في أشياء ذكرها من تفسير بعض الألفاظ بما معناه: لو ترك البخاري هذا لكان أولى؛ لأنه ليس من موضوع كتابه، وكذلك قال في مواضع أخر إذا لم يظهر له توجيه كلام البخاري، مع أن البخاري في جميع


(١) "لامع الدراري" (٢/ ٩٣ - ٩٩).
(٢) "شرح الكرماني" (٢/ ١٨٣).
(٣) "فتح الباري" (١/ ٢٤٢، ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>