للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلقاء قياده متخليًا عن نفسه فارغًا عن اعتبارها شيئًا من الأشياء، انتهى.

قلت: وعلى ما ذكر الحافظ في معنى الفرض الواقع في الترجمة من الاحتمالين، أي: التقدير والإيجاب، فعلى الاحتمال الأول يكون الغرض من الترجمة بيان مشروعية المواقيت، ومشروعيتها عند هذا العبد الفقير من عمرة الحديبية كما حررته في "جزء حجة الوداع" (١) وفيه: ومبدأ مشروعية المواقيت من عمرة الحديبية كما نص عليه الإمام أحمد وحكاه عنه عامة الشرَّاح واقتصروا عليه، ويشكل عليه أنهم قاطبة أوَّلوا مجاوزة أبي قتادة عام الحديبية بغير إحرام من الميقات بتأويلات، وإذا لم يكن التوقيت إلا في عام حجة الوداع فأي فاقة لهم إلى التوجيهات القريبة والبعيدة، انتهى.

(٦ - باب قول الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا. . .}) إلخ

قال الحافظ (٢): قال مقاتل بن حيان: لما نزلت قام رجل فقال: يا رسول الله! ما نجد زادًا، فقال: "تزود ما تكف به وجهك عن الناس، وخير ما تزودتم التقوى"، انتهى.

قلت: وعلى هذا الظاهر أن المراد بالتقوى معناه المعروف وإليه مال القسطلاني، إذ قال (٣): قوله: {وَتَزَوَّدُوا} أي: ما يكف وجوهكم عن الناس ولما أمرهم بزاد الدنيا أرشدهم إلى زاد الآخرة، فقال: {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: ١٩٧]، انتهى.

وقال الحافظ بعد حديث الباب: قال المهلب: في هذا الحديث من الفقه أن ترك السؤال من التقوى، ويؤيده أن الله مدح من لم يسأل الناس إلحافًا فإن قوله: {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} أي: تزودوا واتقوا أذى الناس بسؤالكم إياهم والإثم في ذلك، انتهى.


(١) "حجة الوداع" (ص ٢٧٧).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ٣٨٤).
(٣) "إرشاد الساري" (٤/ ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>