للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٧٤ - باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأوّلًا أو جاهلًا)

أي: بالحكم أو بحال المقول فيه، انتهى من "الفتح" (١).

وقال العيني (٢): قوله: "من قال ذلك" إشارة إلى قوله في الترجمة السابقة: "من كفر أخاه بغير تأويل" يعني: من قال ذلك القول حال كونه متأولًا بأن ظنه كذا، أو قاله حال كونه جاهلًا بحكم ما قاله أو بحال المقول فيه، انتهى.

وهكذا شرح الترجمة العلامة القسطلاني، فظاهر كلام الشرَّاح أن كلا البابين متعلق بمسألة واحدة وهي قول الرجل لآخر: يا كافر، فإن قال ذلك بغير تأويل فهو لا يجوز وهو مؤدّى الباب الأول، وإن قاله متأوّلًا فهو جائز وهو مؤدّى الباب الثاني على رأي الشرَّاح.

وأنت تعلم أن أحدهما مستلزم للآخر فيلزم التكرار بين هذين البابين، وما يخطر بالبال - والله أعلم بحقيقة الحال - أنهما مسألتان مختلفتان، فالباب الأول كما قال الشرَّاح في حق من قال للآخر: يا كافر بغير تأويل في هذا القول، وأما الباب الثاني فمؤدّاه عندي مسألة أخرى، وهي تكفير من قال كلمة الكفر أو فعل فعلًا يوجب الكفر جاهلًا أو متأوّلًا، فمتعلق التأويل ههنا فعل المقول فيه لا فعل القائل بخلاف الترجمة السابقة فإنها على عكس ذلك، وعلى هذا لا يلزم التكرار، فتأمل فإنه لطيف مناسب لدقائق تراجم البخاري.

ومطابقة حديث الباب أعني قصة حاطب إما على قول الشرَّاح ففي قول عمر: إنه منافق، فإنما قال عمر ما قاله متأولًا، وإما على ما اخترته في معنى الترجمة فالمطابقة في فعل حاطب، فإنه فعل ما فعله متأوّلًا، والله أعلم.


(١) "فتح الباري" (١٠/ ٥١٦).
(٢) "عمدة القاري" (١٥/ ٢٤٧)، و"إرشاد الساري" (١٣/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>