للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٢ - باب قوله: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ. . .} [سبأ: ٢٣]) إلخ

كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (١): قصد بذلك إثبات المطلبين أن العبد كاسب لا كما توهّمت الجبرية أنه مجبور محض، لا دخل له في شيء مما يوجد من الأقوال والأفعال أو الحركات والسكنات، ودلالة الروايات على هذا المعنى ظاهرة، حيث ذكر في كل منها شيء من أفعال العباد، كما يظهر بأدنى تأمل، وأن الخالق تعالى متكلم بكلام قديم هو صفته، وما زعمه أهل الأهواء من أن معنى قوله تعالى حيث ورد، كما في قوله: {قَالَ رَبُّكُمْ} وغيره هو خلق القول والكلام في غيره، لا أنه تعالى متكلم بكلام قديم هو صفته باطل، واستدل على هذا المدعى بقوله: {قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} [سبأ: ٢٣] حيث نسب القول إلى الربّ تعالى، ولم يقل: ماذا خلق ربكم فيكم من الكلام مع أنه لو كان المعنى خلق القول فيهم، لما احتاجوا إلى السؤال عن غيرهم، فعلم أن تأويلهم هذا باطل، وأيضًا فإن المؤلّف يشير في هذا الباب إلى أن لله تعالى أفعالًا وأعمالًا، وذلك ليثبت به أن لله تعالى صفاتٍ قديمةً أيضًا، انتهى.

قلت: وعامة الشرَّاح على أن مقصود المصنف إثبات صفة الكلام كما سيأتي في كلام الشرَّاح، وهو المذكور في "تقرير مولانا محمد حسن المكي" عن الشيخ الكَنكَوهي، وأما على ما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" فليست الترجمة لإثبات صفة الكلام فقط، بل الترجمة عنده جامعة مشتملة على أمور وعدة أجزاء مذكورة في كلامه، وعلى هذا مطابقة أحاديث الباب للترجمة واضحة، وأما على ما اختاره الشرَّاح في الغرض من الترجمة، فمطابقة بعض الأحاديث للترجمة غير واضحة كما سيأتي.

وقد تقدم أن هذا أوَّلُ باب في مسألة الكلام عند الحافظ إذ قال (٢):


(١) "لامع الدراري" (١٠/ ٣٥٣، ٣٥٤).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>