للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقعود وغيرهما كما في "العناية" لا الكثير المزيل للعقل، والقليل غير المزيل له، وكأنهم أخرجوا بهذا القيد النوم فإنه حدث أيضًا، لكن لا في الأحوال كلها بل في بعض الأحوال، وهي التي يكون فيها النوم مستندًا أو مضطجعًا على ما ذكروا، والتفريق هو الظاهر من تعليل الأصحاب بأنه فوق النوم في الاسترخاء؛ لأن النائم يتنبه بالتنبيه دون المغمى عليه، وهو الذي أراده البخاري استدلالًا بأن أسماء - رضي الله عنها - صبت على رأسها الماء وقد تجلاها الغشي وهي تصلي، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرى في صلاته خلف ظهره، فهو اطلع على ذلك، وقد وقع التصريح به في "القدوري" (١) وغيره، حيث قال في نواقض الوضوء: والغلبة على العقل بالإغماء والجنون، فاعتبر الغلبة دون غيرها، وقد صرَّح الأصحاب بأن الغشي في حكم الإغماء فإذًا يعتبر فيه الغلبة أيضًا.

[(٣٨ - باب مسح الرأس كله)]

قلت: لما فرغ المصنِّف من ذكر أبواب المياه النواقض التي ذكرها استطرادًا وتبعًا لباب بباب كما تقدم، رجع إلى تكميل الوضوء مع أن في ذكره ههنا لطيفة، وهي دفع توهم يمكن أن ينشأ من الحديث السابق من قولها: أصب فوق رأسي ماءً، أن الغسل والمسح سيّان في الرأس، فتأمل، ولما أراد تكميل الوضوء أعاد ذكر غسل الرجلين رعايةً للترتيب، وذكر فيه الكعبين لئلا يبقى التكرار، كذا في هامش "اللامع".

وكتب الشيخ في "اللامع" (٢): باب مسح الرأس كله، يعني: أن الآية مطلقة، فإثبات الفرضية في البعض دون البعض ترجيح من غير موجب له، وقد ثبت مسحه - صلى الله عليه وسلم - كله، والجواب معلوم، ولا يضر مسحه - صلى الله عليه وسلم - كل الرأس على سبيل السُّنِّية، وإنما ضرنا لو ثبت أنه لم يمسح الناصية وما دون الكل أبدًا، وقد ثبت، فسقط الفرضية، نعم تثبت سُنِّية الكل وهي غير منكرة، وبسط الكلام على كلام الشيخ في هامش "اللامع" وفيه:


(١) "مختصر القدوري" (ص ٤٢).
(٢) "لامع الدراري" (٢/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>