للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هامشه: قال الحافظ (١): أشار المصنف بذلك إلى الرد على من أوجب الوضوء من الغشي مطلقًا، وكونها كانت تتولى صب الماء عليها يدل على أن حواسها كانت مدركة، وذلك لا ينقض الوضوء، ومحل الاستدلال بفعلها من جهة أنها كانت تصلي خلفه - صلى الله عليه وسلم - وكان يرى الذي خلفه وهو في الصلاة - ولم ينقل أنه أنكر عليها، انتهى.

قال النووي (٢): لا ينقض ما دام العقل باقيًا.

وقال القسطلاني (٣): ينقض إذا زال العقل بالإجماع، وقال ابن بطال: الغشي مرض يعرض من طول التعب، وهو ضرب من الإغماء إلا أنه دونه، وإنما صبت أسماء [الماء] على رأسها مدافعة له، ولو كان شديدًا كان كالإغماء، وهو ينقض الوضوء، إجماعًا.

قال الموفق (٤): زوال العقل على ضربين: نوم وغير نوم، أما غير النوم وهو الجنون والإغماء والسكر وما أشبهه فينقض الوضوءَ يسيرُه وكثيرُه إجماعًا، قال ابن المنذر: أجمع العلماء على وجوب الوضوء على المغمى عليه، انتهى.

ويشكل أن ظاهر كلام البخاري التفريق بين المثقل وغيره، وهو ظاهر كلام العيني (٥) وصاحب "الفيض": وتقرير الشيخ الكَنكَوهي، وما يظهر من كلام الفقهاء من الشامي وأصحاب المتون نقض الوضوء منه مطلقًا، بل صرح في "الفتاوى الهندية" (٦) - عالمكَيرية - بالإطلاق، فتأمل.

اللَّهم إلّا أن يقال: إن صاحب "الهداية" وغيرها وإن صرحوا بأن الإغماء حدث في الأحوال كلها، لكن المراد بالأحوال في كلامهم القيام


(١) "فتح الباري" (١/ ٢٨٩).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٤٨١).
(٣) "إرشاد الساري" (١/ ٤٧٥).
(٤) "المغني" (١/ ٢٣٤).
(٥) انظر: "عمدة القاري" (٢/ ٥٢٤)، و"فيض الباري" (١/ ٢٨٦)، و"لامع الدراري" (٢/ ١٤٦).
(٦) (١/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>