للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب الشيخ في "اللامع" (١): أشار بنقل الأثر إلى أن الوجه في كراهة البصاق ليس هو التقذر إذ لو كان الوجه هو التقذر لفرق بين رطبه ويابسه كما فرق ابن عباس بينهما في النعل لذلك، انتهى.

وحاصل ما أفاده الشيخ: أن كراهة البصاق ليست لمجرد التقذر بل لاحترام المسجد، ولذا يحك عن المسجد مطلقًا، ولفظ تقرير مولانا محمد حسن المكي رحمه الله تعالى: أما المسجد فيحك عنه اليابس أيضًا، وبه حصلت المناسبة بترجمة الباب، انتهى.

وفي تقرير مولانا حسين على البنجابي رحمه الله تعالى: القذر أعم من النجس إذ معناه ما يقذره الطبيعة، والمخاط والبزاق من القذر فلا حاجة إلى بيان المناسبة، انتهى.

وذكر في هامش "اللامع" عدة توجيهات من الشروح، وفي آخره: والأوجه عندي: أن الإمام البخاري نبَّه بالترجمتين وبذكر التعليق على إزالة البزاق وغيره من المسجد مطلقًا احترامًا للمسجد كما تقدم في كلام الشيخ، ويكفي للبزاق اليد، وللمخاط وغيره ينبغي الحصى ونحو لشدة اللزوجه، وهذا كله في اليابس، ولا بد من غسل الرطب؛ لأنه لا يزول بالحك، وعلى هذا فذكر التعليق تنبيهًا على إزالة الرطب للغسل، فتأمل، انتهى.

[(٣٥ - باب لا يبصق عن يمينه)]

اعلم أن الإمام البخاري ترجم ههنا بخمسة تراجم متقاربة ينبغي للناظر أن يخرج لها وجوهًا تناسب شأن تراجم البخاري، ولعل الشيخ سكت عنها تبعًا للشرَّاح تشحيذًا لأذهان الطالبين، فإنهم إذا رأوها خمسةً متقاربةً فلا بدّ أن يتدبروا فيها، وما يظهر لهذا العبد الفقير إلى رحمته تعالى شأنه: أن الإمام البخاري أشار فيها إلى أبحاث لطيفة، فالأول منها هذا الباب، ونبَّه


(١) "لامع الدراري" (٢/ ٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>