للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك على مسألة خلافية شهيرة وهي: النهي عن البزاق إلى اليمين هل يختص بالصلاة أو يعم خارجها أيضًا؟ وتبويبه يشير إلى أنه مال إلى الأول.

قال الحافظ (١): ليس في حديثي الباب التقييد بحال الصلاة، وسيأتي التقييد به في الرواية الآتية في الباب الذي يليه، فجرى المصنف على عادته في التمسك بما ورد في بعض طرق الحديث وكأنه جنح إلى أن المطلق في الروايتين محمول على المقيد فيهما، وهو ساكت عن حكم ذلك خارج الصلاة، وقد جزم النووي بالمنع مطلقًا في الصلاة وخارجها وفي المسجد وغيره، وقد نقل عن مالك أنه قال: لا بأس به خارج الصلاة، انتهى.

قلت: ما قال الحافظ: إن البخاري ساكت عن حكم ذلك خارج الصلاة عجيب؛ فإنه قد جزم بنفسه أن البخاري جنح إلى أن المطلق في الروايتين محمول على المقيد فكأن الإمام البخاري مال في ذلك عندي إلى قول الإمام مالك، ولذا قيَّد الترجمة بالصلاة، والثاني من التراجم "باب ليبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى"، وحمل الشيخ في "اللامع" (٢) لفظ: "أو" على التنويع حيث قال: قوله: "ولكن عن يساره أو تحت قدمه" أي: إذا كان في غير المسجد ولم يكن إلى يساره أحد، أو تحت قدمه اليسرى إذا كان في المسجد أو كان عن يساره أحد، انتهى.

ويحتمل عندي التخيير، والأوجه عندي: أن هذا الباب والباب الآتي أشار بهما الإمام البخاري إلى مسألة خلافية شهيرة بين النووي والقاضي عياض، وذكر في البابين مستدل الفريقين.

قال الحافظ (٣): وحاصل النزاع أن ههنا عمومين تعارضا، وهما قوله "البزاق في المسجد خطيئة"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليبصق عن يساره أو تحت قدمه"، فالنووي يجعل الأول عامًا، ويخص الثاني بما إذا لم يكن في المسجد،


(١) "فتح الباري" (١/ ٥١٠).
(٢) "لامع الدراري" (٢/ ٣٧٥).
(٣) انظر: "فتح الباري" (١/ ٥١١، ٥١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>