للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوب ثبات الواحد المسلم إذا قاوم رجلين من الكفار، وتحريم الفرار عليه منهما، سواء طلباه أو طلبهما، سواء وقع ذلك وهو واقف في الصف مع العسكر أو لم يكن هناك عسكر، وهذا هو ظاهر تفسير ابن عباس، ورجحه ابن الصباع من الشافعية، وهو المعتمد؛ لوجود نص الشافعي عليه في الرسالة الجديدة رواية الربيع، لكن المنفرد لو طلباه وهو على غير أهبة جاز له التولي عنهما جزمًا، وإن طلبهما فهل يحرم؟ وجهان: أصحهما عند المتأخرين: لا، لكن ظاهر هذه الآثار المتضافرة عن ابن عباس يأباه وهو ترجمان القرآن وأعرف الناس بالمراد، لكن يحتمل أن يكون ما أطلقه إنما هو في صورة ما إذا قاوم الواحد المسلم من جملة الصف في عسكر المسلمين اثنين من الكفار، أما المنفرد وحده بغير العسكر فلا؛ لأن الجهاد إنما عهد بالجماعة دون الشخص المنفرد، وهذا فيه نظر فقد أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض أصحابه سرية وحده، وقد استوعب الطبري وابن مردويه طرق هذا الحديث عن ابن عباس، وفي غالبها التصريح بمنع تولي الواحد عن الاثنين، انتهى من "الفتح".

وقال العلَّامة العيني (١): ثم هذا في حقنا، وأما سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيجب عليه مصابرة العدد الكثير لأنه موعود بالنصر كامل القوة، انتهى.

[(٩) سورة براءة]

قال الحافظ (٢): هي سورة التوبة، وهي أشهر أسمائها، ولها أسماء أخرى تزيد على العشرة، واختلف في ترك البسملة أولها، فقيل: لأنها نزلت بالسيف والبسملة أمان، وقيل: لأنهم لما جمعوا القرآن شكوا هل هي والأنفال واحدة أو ثنتان؟ ففصلوا بينهما بسطر لا كتابة فيه ولم يكتبوا فيه البسملة، وروى ذلك ابن عباس عن عثمان وهو المعتمد، وأخرجه أحمد والحاكم وبعض أصحاب السنن، انتهى.


(١) "عمدة القاري" (١٢/ ٦٣٧).
(٢) "فتح الباري" (٨/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>