للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه الحسن الحكمي بدليل حديث أنس، وهو الثاني من حديثي الباب.

قلت: ويحتمل عندي أنه إشارة إلى أن لفظ الإقامة في الحديث الذي استدل به بعض الظاهرية على وجوب التسوية هو بمعنى التمام، فقد قال ابن دقيق العيد كما في "الفتح" (١): قد يؤخذ من قوله: "تمام الصلاة" الاستحباب؛ لأن تمام الشيء في العرف أمر زائد على حقيقته التي لا يتحقق إلا بها، وإن كان يطلق بحسب الوضع على بعض ما لا تتم الحقيقة إلا به، انتهى.

[(٧٥ - باب ثم من لم يتم الصفوف)]

قال الحافظ (٢): قال ابن رُشيد: أورد فيه حديث أنس "ما أنكرت شيئًا إلا أنكم لا تقيمون الصفوف" وتعقب بأن الإنكار قد يقع على ترك السُّنَّة فلا يدل ذلك على حصول الإثم، ثم أجاب عنه الحافظ بأجوبة عديدة.

والأوجه عندي ما قال السندي (٣) في الجواب بأنه أخذ الوجوب من صيغة الأمر في قوله: "سووا" ونحوه لا يفيد مطابقة هذا الحديث بالترجمة ودلالته عليها، بل يصير الدليل على الترجمة حديث: "سووا" ونحوه لا هذا الحديث إلا أن يقال: قد لا تكون الترجمة للاستدلال بالحديث عليها بل لبيان ما هو الصحيح في محمل الحديث بدلائل أخر، فها هنا بالترجمة أفاد أن إنكار أنس محمول على إنكار على ترك الواجب لا على إنكار على ترك السُّنَّة بدليل "سووا صفوفكم" ونحوه، وقد يقال: إن الحديث يدل على أن ترك إقامة الصفوف خلاف ما كان عليه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - والأصل فيه هو التأثيم، إلى آخر ما قال.

قلت: حاصله: أن الأصل في المخالفة الإثم، وحاصل التأويل الأول أن الترجمة شارحة.


(١) "فتح الباري" (٢/ ٢٠٩).
(٢) "فتح الباري" (٢/ ٢٠٩).
(٣) "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>