للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عن هذا الإشكال: أن هذا المانع المذكور ليس بحياء حقيقة، بل هو عجز ومهانة وضعف، وإنما تسميته حياءً من إطلاق بعض أهل العرف أطلقوه مجازًا لمشابهته الحياء الحقيقي، وإنما حقيقة الحياء خُلُق يبعث على اجتناب القبيح، ويمنع عن التقصير في حق ذي الحق، ويدل عليه ما ذكرناه عن الجنيد، انتهى.

فقد حكى عنه قبل ذلك فقال: روينا في رسالة الإمام القشيري عن السيد الجليل أبي القاسم الجنيد رحمه الله تعالى قال: الحياء رؤية الآلاء، أي: النعم، ورؤية التقصير، فيتولد بينهما حالة تسمَّى الحياء، انتهى.

(١٧ - باب {فَإِنْ تَابُوا} الآية)

أي: عن الشرك، ليوافق الحديث الوارد فيه، وهو قوله: "حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله"، كذا في "تراجم مسند الهند" (١).

وفي "اللامع" (٢): علق التخلية على التوبة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فعلم أن الإيمان لا معتبر به بحسب الكمال بدونهما، فكانتا من الأجزاء للإيمان، أي: الكامل، انتهى.

ثم حديث الباب قد اعترض عليه بوجهين:

الأول: أنه قد استبعد قوم صحته من جهة أن هذا الحديث لو كان عند ابن عمر لما ترك أباه ينازع أبا بكر - رضي الله عنهما - في قتال مانعي الزكاة، كما ذكر الحافظ (٣)، وذكر الجواب عنه وبسط في هامش "اللامع" (٤) فيما يتعلق بمانعي الزكاة في أوائل كتاب الزكاة، وذكر هناك ما يكفي عما يتعلق بهذا الإشكال، وجواب الحافظ: أن ابن عمر لعله لم يحضر المناظرة، أو حضر ولكنه لم يستحضر الحديث، وجوابه عندي: أن الحديث وارد في


(١) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٣٤).
(٢) "لامع الدراري" (١/ ٥٦٠).
(٣) "فتح الباري" (١/ ٧٦).
(٤) انظر: "لامع الدراري" (٥/ ٧ - ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>