للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يشدد في مثل ما فعله الأعرابي وضع بابًا للإشارة أن من المفاسد ما هي مختارة خوفًا من أكثر منها، ومن أشد منها، فلو قطعوا على الأعرابي بوله لربما أدَّى إلى تنجيس سائر المسجد وتنجيس ثياب نفسه، أو كان ذلك مورثًا له مرضًا، انتهى.

[(٥٨ - باب صب الماء على البول في المسجد)]

لعل المصنف أشار إلى مسألة خلافية، وهي أن الأرض تطهر بصب الماء كما عليه الجمهور، أو يشترط له الحفر أيضًا كما نقلوه عن الحنفية وإن لم يصح النقل عنهم، نعم هذا قول المروزي إذ قال: لا تطهر الأرض إلا بأن تحفر أو يجعل على ظاهرها تراب فتصير النجاسة باطنة، كما في "الأوجز" (١)، أو تطهر بالجفاف أيضًا كما هو مذهب الحنفية وأحد أقوال الثلاثة مع الحنفية، ولا يبعد أن يقال: إن الغرض دفع ما يتوهم من صب الماء الزيادة في تنجيس المسجد.

وفي هامش "اللامع" (٢): لم يتعرض له الشيخ ههنا كدأبه في هذا التقرير أنه لا يتعرض غالبًا عما تقدم الكلام عليه، فإنه - رحمه الله - قد قرر على ذلك في تقرير الترمذي المعروف "بالكوكب الدري" (٣)، ثم أجمل الكلام مرة ثانية في تقرير أبي داود المعروف "بالدر المنضود" ولفظه: قوله: "صبوا عليه سجلًا من ماء"، وذلك لإزالة النتن ودفع الوسواس وإن كانت تطهر باليبس أيضًا، ولأن الماء حين جرى ذهب بالنجاسة عن هذا الموضع فطهر للصلاة والتيمم، وباليبس لم تطهر إلا للصلاة غير التيمم، ولم يتعرض الشيخ أيضًا بباب بول الصبيان في "اللامع" لتقدم الكلام عليه في "الكوكب" (٤).


(١) "أوجز المسالك" (١/ ٦٥٢).
(٢) انظر: "لامع الدراري" (٢/ ١٧١).
(٣) انظر: "الكوكب الدري" (١/ ١٨٦).
(٤) انظر: "الكوكب الدري" (١/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>