للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأوجه عندي: أن المصنف أشار بهذه الترجمة إلى الاختلاف المشهور في تهجده - صلى الله عليه وسلم -، هل كان واجبًا عليه أو مندوبًا كما يدل عليه تبويبه بالآية الشريفة، وكلا الفريقين لما كانوا تمسكوا بالآية الشريفة على اختلاف بينهم في معنى قوله: {نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: ٧٩] فجعل البخاري الآية ترجمة للتنبيه على الاختلاف في معناه، فقيل: معناه: أنها كانت واجبة عليه - صلى الله عليه وسلم -، ثم نسخت فصارت نافلة، أي: تطوعًا؛ لأن الله تعالى غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكل طاعة يأتي بها سوى المكتوبة تكون زيادة في كثرة الثواب، فلهذا سمي نافلة، وأما الذين قالوا: إنها كانت واجبة عليه قالوا: معنى كونها نافلة لك، أي: فريضة زائدة لك، خصِّصت بها من بين الأمة، انتهى من هامش "اللامع" (١).

[(٢ - باب فضل قيام الليل)]

قال الحافظ (٢): أورد فيه حديث ابن عمر في رؤياه، وكأن المصنف لم يصح عنده حديث صريح في هذا الباب فاكتفى بحديثه، وقد أخرج فيه مسلم حديث أبي هريرة: "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل"، وكأن البخاري توقف فيه للاختلاف في وصله وإرساله، وفي رفعه ووقفه، انتهى.

[(٣ - باب طول السجود في قيام الليل)]

قال القسطلاني (٣): أي: للدعاء والتضرع إلى الله تبارك وتعالى، إذ هو أبلغ أحوال التواضع والتذلل، ومن ثمّ كان أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، انتهى.

ولا يبعد أن يكون إشارة إلى رد من قال: إن الأفضل في النهار كثرة السجود، وفي الليل طول القيام. لكن يشكل عليه أنه سيأتي قريبًا "باب


(١) "لامع الدراري" (٤/ ٢٢٩ - ٢٣٠).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ٦).
(٣) "إرشاد الساري" (٣/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>