للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وهذا آخر ما أفاده الشيخ القطب الكَنكَوهي نوَّر الله مرقده بتقرير البخاري المطبوع باسم "لامع الدراري"، وقد بقيت في البخاري ثلاثة أبواب، لم يتعرض لها الشيخ قُدِّس سرُّه لظهور مقاصدها مما أفاده من كتاب الرد إلى ههنا مرارًا من غرض الإمام البخاري من هذه التراجم، انتهى من هامش "اللامع". وقد ذكر الكلام فيه على هذه الأبواب إلى آخر الكتاب مبسوطًا ومفصلًا فارجع إليه.

(٥٦ - باب قول الله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦])

قال الحافظ (١): ذكر ابن بطال (٢) عن المهلب: أن غرض البخاري بهذه الترجمة إثبات أن أفعال العباد وأقوالهم مخلوقة لله تعالى، انتهى.

وقال القسطلاني (٣) تبعًا للحافظ: قال الشمس الأصفهاني في تفسير قوله: {وَمَا تَعْمَلُونَ} أي: عملكم، وفيه دليل على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، وأنها مكتسبة للعباد، حيث أثبت لهم عملًا، فأبطلت هذه الآية مذهب القدرية والجبرية معًا، انتهى.

وقال شيخ مشايخنا الدهلوي في "تراجمه" (٤) تحت هذه الترجمة: أي: الله خالق أعمال العباد، والقراءة عمل من أعماله، ويردّ عليه "أحيوا ما خلقتم"، فإنه يدلّ على أن الخلق ينسب إلى العباد، والجواب أنهم منسوب إليهم بمعنى غير منسوب إليهم (٥) بمعنى آخر، ومثله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنا حملتكم"، وقوله في الكهان: "ليسوا بشيء"، انتهى.


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٥٢٨).
(٢) "شرح ابن بطال" (١٠/ ٥٥٣).
(٣) "إرشاد الساري" (١٥/ ٦١٣).
(٤) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٤٦٣).
(٥) كذا في الأصل، وهو تحريف كما هو ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>