للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول السالمية أنه حروف وأصوات قديمة الأعين، وهو عين هذه الحروف المكتوبة والأصوات المسموعة. والرابع: قول الكرامية أنه محدث لا مخلوق. والخامس: أنه كلام الله غير مخلوق، إنه لم يزل يتكلم إذا شاء نصّ على ذلك أحمد في "كتاب الرد على الجهمية"، وافترق أصحابه فرقتين ذكرهما الحافظ، ثم قال: والذي استقرّ عليه قول الأشعرية أن القرآن كلام الله غير مخلوق مكتوب في المصاحف محفوظ في الصدور مقروء بالألسنة، إلى آخر ما بسط.

قوله: (وليس أحد يزيل لفظ كتاب. . .) إلخ، هذا أحد القولين في تفسير الآية من أن التحريف وقع باعتبار المعنى فقط، ومال الجمهور إلى أن التحريف منهم وقع في الألفاظ أيضًا، كما بسط في الحاشية، وقال مولانا الشيخ أنور (١): اعلم أن أقوال العلماء في وقوع التحريف ودلائلهم كلّها قد قضى عنه الوطر المحشيُّ فراجعه.

والذي ينبغي فيه النظر ههنا أنه كيف ساغ لابن عباس إنكار التحريف اللفظي، مع أن شاهد الوجود يخالفه، كيف! وقد نعى عليهم القرآن أنهم كانوا يكتبون بأيديهم، ثم يقولون: {هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} وهل هذا إلا تحريف لفظي، ولعل مراده أنهم ما كانوا يحرفون قصدًا، ولكن سلفهم كانوا يكتبون مرادها كما فهموه، ثم كان خلفهم يُدخلونه في نفس التوراة، فكان التفسير يختلط بالتوراة من هذا الطريق، انتهى.

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): قوله: "وليس أحد. . ." إلخ، يعني: أن تصرفهم إنما كان في بيان المعنى، وأما كلام الله تعالى فأكرم من أن يغيره أحد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، ولله الحمد على ما أولى، فنعم ما أولى ونعم المولى، وفق الله تعالى للإتمام سابع عشر جمادى الثانية من شهور ١٣١٣ هـ، انتهى.


(١) "فيض الباري" (٦/ ٦١٢، ٦١٣).
(٢) "لامع الدراري" (١٠/ ٣٨٢ - ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>