للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأوجه عندي: أنه - رضي الله عنه - عقَّبه إشارة إلى الأولوية، وأما الجواز للضرورة فقد علم من الرواية المارة "قد أذن لكن" (١) الحديث، ولعله عقب بهذا الباب الحديث السابق الوارد فيه: "فأنزل الله آية الحجاب"، إشارةً إلى أن اتخاذ الكنف في البيوت كان بعد نزول آية الحجاب.

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): لما كان لمتوهم أن يتوهم كراهة ذلك لما فيه من التداني والتلبس بالنجس رده فذكر ما يدل على جوازه، إلا أن التطهر لما كان مطلوبًا يجب أن يزيله عن البيت قبل الفساد، ولا يتركه يجتمع منه الكثير، انتهى.

وفي هامشه: ويزيد التوهم ما في "البذل" برواية الطبراني (٣) عن عبد الله بن يزيد مرفوعًا: "لا ينقع بول في طست في البيت، فإن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه بول مستنقع"، انتهى.

فإذا كان ذلك في البول فما ظنك بالغائط الذي هو أشد رائحة كريهة من البول، وأيضًا ورد: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد البراز أبعد"، وقد ورد النهي عن البراز في الموارد وغيرها، وهذه كلها تؤيد التوهم، ولا تنافي رواية الطبراني ما في "أبي داود" عن أميمة قالت: "كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - قدح من عيدان [تحت سريره] يبول فيه بالليل" (٤) الحديث، بوجوه بسطت في "البذل" (٥).

[(١٥ - باب الاستنجاء بالماء)]

أشار بذلك إلى الرد على من كرهه، وعلى من أنكر وقوعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، روي الأول بأسانيد صحيحة عن حذيفة أنه قال: "إذًا لا يزال


(١) ولفظ الحديث: "قد أُذِنَ أن تخرجن في حاجتكن".
(٢) "لامع الدراري" (٢/ ١٠٧).
(٣) "المعجم الأوسط" (٢/ ٣١٢) (رقم ٢٠٧٧).
(٤) أخرجه أبو داود (ح: ٢٤)، والنسائي (ح: ٣٢).
(٥) "بذل المجهود" (١/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>