للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى أن نهيه - صلى الله عليه وسلم - محمول على التحريم إلا ما يعرف كراهته بقرائن، وكذا أمره إيجاب إلا ما يعرف إباحته بالقرائن.

قال الحافظ (١): وقد أنهى بعض الأصوليين صيغة الأمر إلى سبعة عشر وجهًا، والنهي إلى ثمانية أوجه، ونقل القاضي أبو بكر ابن الطيّب عن مالك والشافعي: أن الأمر عندهما على الإيجاب والنهي على التحريم حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك، وقال ابن بطال (٢): هذا قول الجمهور، وقال كثير من الشافعية وغيرهم: الأمر على الندب، والنهي على الكراهة، حتى يقوم دليل الوجوب في الأمر، ودليل التحريم في النهي، وتوقف كثير منهم، انتهى.

وفي "نور الأنوار" (٣): موجب الأمر الوجوب عند العامة لا الندب، كما ذهب إليه البعض وهم أكثر المعتزلة، ويروى عن الشافعي في قول، ولا الإباحة كما ذهب إليه بعض، كما نقل عن بعض أصحاب مالك، إلى آخر ما ذكر.

[(٢٧ - باب كراهية الاختلاف)]

قال الحافظ (٤): ولبعضهم الخلاف، أي: في الأحكام الشرعية أو أعم من ذلك، انتهى.

ثم لا يذهب عليك الفرق بين هذا الباب وبين ما تقدم من باب قوله تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: ٥٤] فإنه أخص منه هذا، وكذا ما تقدم قبله من "باب قول الله: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} " [الأنعام: ٦٥] فإن غرضه عندي خاص كما تقدم هناك.


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٣٣٧).
(٢) "شرح ابن بطال" (١٠/ ٣٩٣).
(٣) "نور الأنوار" (ص ٢٧).
(٤) "فتح الباري" (١٣/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>